في تطور صادم هز الأسواق اليمنية، سجل الدولار الأمريكي رقماً قياسياً مدمراً بوصوله إلى 1630 ريال يمني للبيع في أسواق عدن مساء الخميس، مُجسداً أكبر انهيار للعملة المحلية منذ بداية الأزمة. هذا الرقم المرعب يعني أن راتب الموظف اليمني أصبح يساوي أقل من 50 دولار شهرياً، في مأساة اقتصادية حقيقية تضرب جيوب ملايين اليمنيين بلا رحمة.
وسط هذا الكابوس الاقتصادي، تحدث محمد التاجر من سوق الصرافة في عدن قائلاً: "الوضع أصبح لا يُطاق والمواطن يدفع الثمن غالياً، أضطر لرفع أسعار بضائعي يومياً لمواكبة جنون ارتفاع الدولار". المشهد في الأسواق مؤلم: طوابير طويلة من المواطنين تقف أمام محلات الصرافة بحثاً عن أي عملة صعبة، بينما تتصاعد أصوات المتداولين وهم يتفاوضون على صفقات تحمل فارق 13 ريال بين الشراء والبيع، ما يعني ربح المضاربين 0.8% من كل صفقة.
منذ بداية الصراع في 2014، شهد الريال اليمني انهياراً متدرجاً وصل لذروته المدمرة اليوم، حيث فقد أكثر من 85% من قيمته مقارنة بما كان عليه قبل الحرب. المحللون الاقتصاديون يربطون هذا الانهيار بعوامل متداخلة: توقف صادرات النفط، انقسام البنك المركزي، ونقص احتياطيات العملة الصعبة. د. عبدالله الاقتصادي، المحلل المالي المتخصص في الشأن اليمني، حذر قائلاً: "نحن أمام كارثة حقيقية تُذكرنا بانهيار الليرة التركية في 2018، والوضع يتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً قبل وصول الدولار إلى 2000 ريال".
المأساة الحقيقية تكمن في تأثير هذا الانهيار على الحياة اليومية للمواطنين، حيث ترتفع أسعار الأدوية والغذاء بوتيرة يومية مرعبة. أم محمد، الموظفة البالغة من العمر 45 عاماً، تروي معاناتها: "راتبي 80 ألف ريال شهرياً لا يكفي لشراء دولارين، كيف أطعم أطفالي؟" في المقابل، يستفيد أحمد الحضرمي، المغترب اليمني، من هذا الانهيار حيث وصلت قيمة الـ 500 دولار التي أرسلها لأسرته إلى 815 ألف ريال. الخبراء ينصحون بتجنب الاحتفاظ بمبالغ كبيرة بالريال اليمني والتحول للذهب أو العقار، بينما يتوقعون موجة تضخم جديدة قد تصل لمستويات قياسية.
الريال اليمني يواصل انهياره المدمر كالثلج تحت الشمس الحارقة, والمواطنون يدفعون الثمن غالياً من لقمة عيشهم في صمود أسطوري رغم الألم. الأشهر القادمة ستكون حاسمة في تحديد مصير العملة اليمنية والاقتصاد، والحاجة ماسة لتدخل دولي عاجل ووضع خطة إنقاذ اقتصادية شاملة. السؤال الآن: هل سيصمد الريال اليمني أم أننا أمام انهيار اقتصادي لا رجعة فيه؟