في مشهد يثير الحيرة والترقب، ثبتت أسعار الذهب في مصر لليوم الثاني على التوالي رغم ارتفاع الأوقية العالمية بـ 13 دولاراً - وهو رقم كان من المفترض أن ينعكس إيجابياً على السوق المحلي بزيادة تقدر بـ 250 جنيهاً للأوقية! هذا الهدوء المشبوه في عالم يعج بالتقلبات المستمرة يشبه تماماً عين العاصفة الهادئة قبل أن تتخذ الأسواق قراراً حاسماً قد يغير خريطة الاستثمار تماماً.
سجل الجنيه الذهب عيار 21 سعراً ثابتاً عند 43,760 جنيهاً للبيع و43,360 جنيهاً للشراء، وهو رقم يعادل راتب موظف حكومي لستة أشهر كاملة! هذا الثبات المفاجئ جعل حسام التاجر، صائغ خبير بحي الجمالية منذ 25 عاماً، يعلق بقلق: "الوضع ده مش طبيعي، السوق بيستنى حاجة كبيرة.. الزباين مترددين والكل مستني إشارة واضحة". وسط هذا الجو المشحون، تردد صدى أصوات الموازين الحساسة في محلات الصاغة، بينما تتأمل عيون المتسوقين بريق الذهب تحت الإضاءة الساطعة وكأنها تبحث عن إجابات.
خلف هذا المشهد الظاهري الهادئ، تخفي الأرقام قصة أعمق من التوتر والترقب. فبينما ارتفعت الأوقية العالمية إلى 2,090 دولاراً، بقيت الأسعار المحلية معلقة في فراغ زمني غريب، تماماً كقطار متوقف في المحطة والجميع يعرف أنه سيتحرك لكن لا أحد يعرف متى. هذه الظاهرة النادرة، التي لا تحدث إلا مرة كل عدة أشهر، تذكرنا بما حدث في بداية أزمة 2020، عندما شهد السوق هدوءاً مماثلاً قبل أن تنفجر الأسعار بنسبة 40% خلال أسابيع قليلة.
في الوقت نفسه، تعيش آلاف العائلات المصرية في معضلة حقيقية، فـ أحمد محمد، الموظف الـ45 عاماً، يروي قصته المؤلمة: "كنت مستني السعر ينزل عشان أشتري دبلة زواج بنتي، لكن الثبات ده خلاني في حيرة شديدة.. مش عارف أشتري دلوقتي ولا أستنى أكتر". على الجانب الآخر، تبتسم فاطمة السيد، ربة المنزل الذكية التي باعت ذهبها القديم قبل شهرين وحققت ربحاً قدره 15%، قائلة بثقة: "اللي عايز يشتري يشتري دلوقتي، قبل ما الأسعار تولع".
مع تصاعد حدة الترقب، يحذر الدكتور محمود عبد الفتاح، الخبير الاقتصادي المتخصص في أسواق المعادن النفيسة، من أن "حركة سعرية حاسمة متوقعة خلال 72 ساعة، إما صعوداً بقوة أو هبوطاً مدوياً". فالعوامل الجيوسياسية العالمية والقرارات المنتظرة من البنوك المركزية الكبرى قد تحول هذا الهدوء المؤقت إلى عاصفة حقيقية تعيد تشكيل خريطة الاستثمار في الذهب نهائياً. السؤال المحوري الآن: هل أنت مستعد لما سيحدث عندما ينكسر هذا الصمت الذهبي المريب؟