في مشهد يفوق أفلام الرعب، سقطت خنساء المجاهد، الأم والزوجة الليبية، برصاص القتلة في وضح النهار وسط شوارع طرابلس، في جريمة تكشف حقيقة مرعبة: حتى عصابات المافيا التقليدية كانت أكثر شرفاً من مجرمي اليوم. وبينما تتصاعد معدلات الجريمة والمخدرات بشكل كبير في العاصمة الليبية، يحذر الخبراء من أن القانون لم يعد موجوداً، والعصابات تسيطر على المشهد بلا رادع.
تفاصيل الجريمة التي هزت ليبيا تكشف عن بشاعة لا توصف، حيث استهدف المجرمون امرأة عزلاء لا تحمل سلاحاً ولا تشكل أي خطر. وكما يؤكد السياسي فضيل الأمين: "لا يمكن وصف ما حدث بالبشاعة والوضاعة والخسة والندالة فقط، فما حدث هو كل ذلك وأكثر وأكبر منه". المفارقة المؤلمة أن عصابات المافيا وعصابات المخدرات كانت تنأى عن استهداف النساء والأطفال، بينما اليوم في طرابلس، لا حرمة لأحد.
الجذور العميقة لهذا التدهور الأمني تعود إلى غياب القانون والردع والعدالة منذ انهيار الدولة الليبية عام 2011. وفي ظل هذا الفراغ الأمني، تغولت العصابات وانتشرت الجريمة كالنار في الهشيم. الخبير فضيل الأمين يحذر من أن "الفساد والنهب أصبح المهمة الأولى لمن يتصدون المشهد، أما مهمة إنفاذ القانون وحماية المواطن فأصبحت ثانوية في أفضل الحالات". هذا التحول الخطير حول ليبيا من دولة إلى غابة بلا قانون.
تأثير هذه الجريمة على الحياة اليومية كارثي، حيث لم تعد النساء يجرؤن على الخروج وحدهن في شوارع طرابلس. العائلات الليبية تعيش اليوم في خوف مستمر، والأطفال يسمعون أصوات الرصاص كجزء من حياتهم العادية. أحد سكان طرابلس يصف الوضع قائلاً: "نحن نعيش كأسرى في بيوتنا، نخاف على زوجاتنا وبناتنا من مجرد التسوق". والنتيجة الحتمية لاستمرار هذا الوضع هي مزيد من التفكك الاجتماعي ونزوح الأسر من المناطق الخطيرة.
مقتل خنساء المجاهد ليس مجرد جريمة منفردة، بل جرس إنذار صارخ لدولة على شفا الهاوية. الاختيار اليوم أمام ليبيا واضح: إما استعادة هيبة القانون وحماية المواطنين، أو الانزلاق نحو فوضى أكبر. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: إذا لم تكن النساء العزل والأطفال الأبرياء آمنين في وضح النهار، فمن الآمن في ليبيا اليوم؟