في مشهد اقتصادي صادم يفضح حجم المأساة اليمنية، يواجه المواطنون في تعز كابوساً يومياً حين يدفعون 28,000 ريال مقابل 20 لتر ديزل، بينما يحصل أهالي مأرب على نفس الكمية بـ8,000 ريال فقط - فارق مدمر يصل إلى 250% يحول البلد الواحد إلى عوالم اقتصادية منفصلة تماماً!
أحمد الحسني، سائق تاكسي من تعز، يروي معاناته اليومية: "راتبي الشهري كله لا يكفي لتعبئة سيارتي أسبوعين، أصبحت أفكر في ترك المهنة نهائياً." هذا المشهد يتكرر يومياً في شوارع تعز حيث تتوقف عشرات السيارات عن العمل، بينما في مأرب يستمتع محمد القحطاني بتوفير 60% من تكاليف الوقود قائلاً: "الحمد لله، مولدي الكهربائي يعمل بتكلفة معقولة مقارنة بما يعانيه إخواني في المحافظات الأخرى."
جذور هذه المأساة تمتد لعقد من الحرب المدمرة التي مزقت اليمن إلى مناطق سيطرة متباينة، كل منها تتبع سياسات تسعير مختلفة تماماً. الدكتور علي العولقي، خبير اقتصادي، يؤكد: "هذا التباين الجنوني يشبه الفرق بين دولتين مختلفتين تماماً، وهو ما يدمر أي أمل في التعافي الاقتصادي الموحد." المشكلة تتفاقم مع اختلاف مصادر الإمداد بين المحلي والمستورد، حيث تعتمد بعض المناطق على النفط المحلي بأسعار مدعومة بينما تضطر أخرى للاستيراد بتكاليف باهظة.
الأرقام الصادمة تكشف حجم الكارثة الحقيقية: فارق 20,000 ريال بين المناطق - مبلغ يكفي لشراء مؤونة شهر كامل لأسرة متوسطة! فاطمة أحمد، ربة منزل من عدن، تبكي وهي تقول: "المولد الكهربائي يأكل راتب زوجي كاملاً، أطفالي ينامون في الظلام معظم أيام الشهر." هذا التباين الجنوني يهدد بنزوح جماعي من المناطق غالية الوقود، مما قد يؤدي لانهيار اقتصادي كامل في تلك المحافظات.
مع استمرار هذا الوضع المأساوي، يبدو مستقبل اليمن الاقتصادي معلقاً على خيط رفيع. الخبراء يحذرون من سيناريو أسود قد يحول الوقود إلى رفاهية لا يستطيعها إلا الأغنياء، بينما تصبح الملايين محاصرة في منازلها عاجزة عن التنقل. السؤال المصيري الآن: هل سينقذ المسؤولون ما تبقى من الاقتصاد اليمني، أم سنشهد انهياراً كاملاً لحياة الملايين؟