في لحظة انتظرها الآلاف بفارغ الصبر، أعلن بنك عدن الإسلامي أخيراً عن صرف مرتبات موظفي مكتب التربية والتعليم لشهر سبتمبر، بعد انتظار دام أكثر من شهرين. الآن، يمكن لآلاف المعلمين وأسرهم التنفس بارتياح والحصول على رواتبهم المؤجلة عبر شبكة "عدن حوالة" أو نقاط الصرف المختلفة، في خبر سار ينهي فترة قلق وترقب طويلة.
أحمد محمد، معلم رياضيات في إحدى مدارس عدن، لا يخفي فرحته: "كنت أنتظر هذا اليوم منذ شهرين، ابنتي تحتاج للدواء ولم أستطع شراءه". المشهد تكرر في آلاف البيوت حيث تحولت أصوات القلق إلى أصوات فرح عندما وصلتهم رسائل البنك تؤكد إمكانية السحب. الأرقام تتحدث بوضوح: آلاف الموظفين انتظروا 60 يوماً كاملاً للحصول على مستحقاتهم، في انتظار بدا وكأنه لن ينتهي.
هذا التأخير ليس جديداً على موظفي القطاع العام في اليمن، فمنذ عام 2015 وبداية الصراع، تحولت المرتبات المنتظمة إلى حلم بعيد المنال. د. فاطمة عبدالله، خبيرة الشؤون التعليمية، تؤكد أن "انقطاع المرتبات يضرب جودة التعليم في الصميم، فالمعلم المتعب مالياً لا يستطيع العطاء". الأزمة تعكس تحديات أكبر في الاقتصاد اليمني المنهك، حيث انقسام المؤسسات وشح الموارد يجعل كل صرف مرتبات إنجازاً بحد ذاته.
التأثير على الحياة اليومية واضح في أسواق عدن، حيث شهدت حركة شراء ملحوظة فور إعلان خبر الصرف. أم خالد، زوجة معلم، تصف الوضع: "أول ما سمعت الخبر، خرجت لأشتري الحليب والخبز اللي محرومين منه من أسبوع". البنوك ونقاط الصرف شهدت طوابير طويلة، لكنها طوابير مختلفة هذه المرة - طوابير أمل بدلاً من طوابير يأس. الخبراء يتوقعون انتعاشاً مؤقتاً في الأسواق المحلية، لكنهم يحذرون من ضرورة التوفير لمواجهة تأخيرات محتملة في المستقبل.
رغم الفرحة الغامرة اليوم، يبقى السؤال الأهم يلوح في الأفق: هل ستنتظم المرتبات مستقبلاً، أم أن هذا الصرف مجرد استثناء في رحلة طويلة من الانتظار؟ الجواب يكمن في قدرة السلطات على إيجاد حلول مستدامة تضمن كرامة المعلم وحقه في راتب منتظم. حتى ذلك الحين، يحتفل آلاف المعلمين في عدن بانتصار صغير، عسى أن يكون بداية لفجر جديد.