في تطور مثير للقلق هز أروقة السلطة في اليمن، كشفت مصادر حكومية رفيعة أن المجموعة الرباعية الدولية بات على وشك فرض عقوبات دولية ضد محافظين يمنيين خلال أيام قليلة، في أعقاب أزمة مالية خانقة تسببت في خسائر تتجاوز 3 مليارات دولار. الآلاف من الموظفين الحكوميين في عدن والمناطق الجنوبية يواجهون مصيرًا مجهولًا بعد توقف صرف رواتبهم لأشهر طويلة، بينما تتسارع الأحداث نحو مواجهة دولية حاسمة.
تكشف الوثائق الحكومية السرية عن تفاقم الأزمة المالية الأسوأ في تاريخ اليمن الحديث، حيث تبلغ فاتورة الرواتب الشهرية وحدها 83 مليار ريال (135 مليون دولار) بينما الخزينة العامة شبه فارغة. فارس النجار، المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة، كشف بصراحة مؤلمة: "نواجه هبوطًا حادًا في الإيرادات عقب توقف صادرات النفط، ما تسبب في أزمة سيولة خانقة". مسؤولان رفيعان في البنك المركزي أكدا أن الوضع "الأسوأ على الإطلاق منذ 2015" مع نفاد احتياطات النقد الأجنبي بالكامل.
الجذور العميقة لهذه الكارثة الاقتصادية تمتد إلى أكتوبر 2022 عندما توقفت صادرات النفط بسبب الهجمات الحوثية على موانئ التصدير، مما قطع شريان الحياة الاقتصادي للحكومة المعترف بها دوليًا. تقرير "المرصد الاقتصادي لليمن" الصادر عن البنك الدولي يؤكد أن الاقتصاد اليمني واجه "ضغوطًا كبيرة بسبب الحصار المستمر وارتفاع معدلات التضخم". الخبراء يشبهون الوضع بـ"مريض في العناية المركزة" حيث كل يوم تأخير يقربه من الهاوية، بينما المحافظون يحتجزون الإيرادات الضريبية والجمركية رافضين تسليمها للحكومة المركزية.
الثمن الإنساني لهذه الأزمة يتجلى في قصص مؤثرة من الشارع اليمني. عقيل أحمد بن ثابت، الأستاذ الجامعي البالغ من العمر 55 عامًا، يصف واقعه المرير: "لا أملك ثمن أجرة المواصلات للذهاب إلى الجامعة، هذه جريمة في حق المجتمع". باسل عبد الرحمن أنعم، الموظف النازح من مناطق الحوثيين، يواجه تهديدات بالطرد من منزله المؤجر: "مفيش مرتب والحياة مستحيلة، الوضع هدد استقرارنا المعيشي والنفسي". أكثر من 60% من الأسر اليمنية تواجه الآن أزمة غذائية حادة، مما يدفع العديد منها للجوء إلى آليات تكيف سلبية مثل التسول.
مع اقتراب انتهاء المهلة المحددة لتوريد الإيرادات، تتجه الأنظار نحو رد فعل المجموعة الرباعية الدولية التي اشترطت تطبيق إصلاحات مالية ومؤسسية شاملة قبل استئناف الدعم المالي المتوقف منذ سنوات. صندوق النقد الدولي حذر من "التبعات الخطيرة لاحتجاز المحافظات للإيرادات" مؤكدًا تأثيرها السلبي على الشفافية والمساءلة المالية. السؤال الذي يؤرق الملايين: هل ستكفي العقوبات الدولية لكسر حلقة المقاومة المحلية وإنهاء معاناة شعب ينتظر رواتبه منذ أشهر؟
