في تطور صادم يهز عالم الطب السعودي، أعلنت وزارة الصحة لأول مرة في تاريخ المملكة استدعاء طبيب رسمياً بسبب تصريحات إعلامية تتعلق بالروابط الأسرية والقيم المجتمعية. هذا القرار التاريخي، الذي جاء خلال 24 ساعة من ظهور الطبيب في قناة خليجية، يشير إلى عصر جديد من الرقابة المهنية الصارمة. الأطباء السعوديون الآن أمام خيارين: إما الالتزام الكامل بالضوابط المهنية أو مواجهة مستقبل مهني مجهول.
الحدث الذي أشعل الجدل بدأ عندما ظهر أحد أطباء الأسرة المعروفين في برنامج تلفزيوني خليجي وأدلى بتصريحات اعتبرتها الوزارة "مخالفة واضحة لأخلاقيات الممارس الصحي". د. فاطمة الزهراني، أستاذة الطب النفسي بجامعة الملك سعود، علقت قائلة: "المهنة تتطلب مسؤولية مضاعفة، والخلط بين الآراء الشخصية والعلمية يضر بصورة الطب". وفي أروقة المستشفيات السعودية، يسود جو من التوتر والهمسات القلقة بين الأطباء حول مستقبل مشاركاتهم الإعلامية.
هذا القرار لا يأتي من فراغ، بل يندرج ضمن حملة أوسع لتنظيم الخطاب المهني في المملكة كجزء من رؤية 2030. المختصون يشيرون إلى أن هذا التطور يشبه حملات تنظيم خطاب التعليم والإعلام التي شهدتها المملكة مؤخراً. د. محمد الغامدي، خبير أخلاقيات الطب بجامعة الملك عبدالعزيز، يوضح: "نحن أمام نقطة تحول تاريخية تُعيد تعريف علاقة الأطباء بالإعلام، مثلما حدث في ألمانيا خلال التسعينيات". الخبراء يتوقعون تطوير أنظمة رقابة أكثر تفصيلاً تشمل جميع أشكال الظهور الإعلامي للأطباء.
التأثير على الحياة اليومية للمواطنين سيكون محسوساً بشكل مباشر. سعد العتيبي، الذي تابع البرنامج المثير للجدل، يقول: "كانت تصريحات صادمة تخالف قيمنا، لكنني أخشى أن نفقد مصادر المعلومات الطبية المتنوعة". الأطباء الآن سيترددون قبل قبول دعوات البرامج التلفزيونية، مما قد يؤثر على توعية الجمهور الصحية. من جهة أخرى، يرى المؤيدون في هذا القرار فرصة ذهبية لتحسين جودة المحتوى الطبي الإعلامي والتخلص من "الآراء العشوائية التي تنتشر مثل النار في الهشيم عبر وسائل التواصل".
هذا القرار التاريخي يضع الأطباء السعوديين أمام واقع جديد: عصر الرقابة المهنية الذكية التي تُوازن بين حرية التعبير والمسؤولية المجتمعية. النتيجة المتوقعة هي تطوير مبادئ توجيهية واضحة وبرامج تدريب متخصصة للأطباء حول التواصل الإعلامي المناسب. على كل طبيب الآن مراجعة ممارساته الإعلامية والتأكد من الفصل الواضح بين آرائه الشخصية ومعرفته العلمية. السؤال الذي يطرح نفسه: هل سيغير هذا القرار وجه الطب الإعلامي في السعودية إلى الأبد، أم سيجد الأطباء طرقاً جديدة للتواصل مع الجمهور؟