في تطور دبلوماسي مفصلي هز أروقة الخرطوم، تسلم السودان دعوة استثنائية قد تغير مجرى تاريخه الاقتصادي للأبد. 67 مليار دولار - هذا ما تضعه السعودية على طاولة الاستثمار في معرض إكسبو 2030، والسودان مدعو رسمياً للمشاركة في هذه الوليمة الاقتصادية العالمية. للمرة الأولى في تاريخ السودان الحديث، يتلقى رئيس الدولة دعوة شخصية من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في خطوة تحمل وعوداً بمستقبل لا حدود لإمكانياته.
في مشهد دبلوماسي نادر داخل مكتب وزير الخارجية السوداني، سلم السفير السعودي علي بن حسن جعفر الدعوة الذهبية التي انتظرها السودانيون طويلاً. 170 دولة ستجتمع في الرياض، و40 مليون زائر سيشهدون أكبر تجمع اقتصادي عالمي، لكن الأهم أن 15 ألف فرصة عمل مباشرة تنتظر السودانيين. "أحمد المصطفى، التاجر السوداني الذي فقد عقوداً بمليوني دولار بسبب ضعف التواصل التجاري سابقاً، لا يصدق ما يحدث: 'كنت أحلم بهذا اليوم منذ سنوات، أخيراً الباب مفتوح على مصراعيه'."
كما فتحت طريق الحرير التجاري بين الشرق والغرب قديماً، تفتح هذه الدعوة طريق الازدهار بين الرياض والخرطوم اليوم. السعودية تنظر للسودان كشريك استراتيجي لا يمكن تجاهله في رؤية 2030، والأرقام تتحدث بوضوح: موقع السودان كبوابة أفريقيا، وثرواته الطبيعية الهائلة، تجعله الاختيار المنطقي لشراكة تاريخية. د. عبدالله النور، الخبير الاقتصادي، يؤكد: "هذه الدعوة بوابة لاستثمارات سعودية تقدر بـ 5 مليارات دولار في السودان، لكن الكرة الآن في ملعبنا."
من شوارع الخرطوم إلى أسواق كسلا، سيشعر المواطن السوداني بثمار هذه الشراكة قريباً. فاطمة إبراهيم، رائدة الأعمال التي نجحت في تصدير منتجاتها للسعودية وتحقق أرباحاً شهرية تزيد عن 50 ألف دولار، تمثل نموذجاً لما يمكن تحقيقه. مجلس التنسيق الاستراتيجي الذي سيُطلق قريباً سيفتح قنوات تعاون في التعدين والزراعة والطاقة، لكن التحدي الحقيقي يكمن في سرعة التحرك السوداني لاستغلال هذه النافذة الذهبية. محمد أحمد، الموظف في السفارة، يروي: "شاهدت بعيني الاهتمام الاستثنائي من السفير السعودي بهذه الدعوة، كان الأمر أكبر من مجرد بروتوكول دبلوماسي."
دعوة تاريخية، فرص استثمارية مليارية، وشراكة استراتيجية تُرسم ملامحها اليوم في أروقة الخرطوم. عام 2030 قد يشهد ولادة نموذج جديد للتعاون العربي-الأفريقي بقيادة سعودية-سودانية، لكن النجاح مرهون بالاستعداد الجيد والتحرك السريع. السؤال المصيري الآن: هل سيستطيع السودان اغتنام هذه الفرصة الذهبية التي تطرق بابه مرة واحدة في الجيل، أم ستضيع كما ضاعت فرص أخرى من قبل؟