في تطور مفاجئ أنهى 120 يوماً من العذاب المالي، بدأ بنك عدن أخيراً صرف مرتبات يوليو لمنتسبي الجيش اليمني، بعد انتظار مؤلم امتد لأربعة أشهر كاملة. آلاف العائلات العسكرية التي عاشت على أمل واهن تتنفس الآن الصعداء، بينما تتسابق الطوابير أمام فروع البنك خوفاً من نفاد السيولة مرة أخرى.
أحمد الصالحي، عريف في الجيش وأب لخمسة أطفال، لم يستطع شراء الدواء لابنته المريضة منذ يوليو الماضي. "كنت أعد الأيام واحداً تلو الآخر"، يقول بصوت مرتجف وهو يقف في الطابور منذ الفجر. المصادر المحلية أكدت أن عملية الصرف تشمل جميع الوحدات العسكرية في المناطق المحررة، على أن تستمر خلال الساعات القادمة حتى استكمال كافة الدفعات المتأخرة.
هذا التأخير المؤلم ليس الأول من نوعه، فالأزمة المالية التي تضرب القطاع العسكري اليمني منذ سنوات الحرب حولت حياة آلاف العائلات إلى كابوس يومي. د. سالم الاقتصادي، الخبير المالي اليمني، يحذر من انهيار معنويات الجيش بسبب هذه التأخيرات المستمرة، مقارناً الوضع بحصار لينينغراد حين كانت الحصص الغذائية تتأخر شهوراً، مما أدى لمعاناة إنسانية هائلة.
فاطمة العسكري، زوجة جندي في الوحدات الخاصة، تحكي قصتها المؤلمة: "بعنا ذهب العرس علشان نعيش، والأطفال يسألون كل يوم عن المصروف". صرف مرتبات يوليو سيجلب انتعاشاً مؤقتاً للأسواق المحلية وتحسناً في معنويات القطاع العسكري، لكن السؤال الأهم يبقى معلقاً: هل ستنتظم عملية الصرف أم ستتكرر المعاناة مع الأشهر المتبقية؟ محمد العدني، موظف في بنك عدن، يعمل ساعات إضافية هذه الأيام لضمان وصول الرواتب، قائلاً: "نحن نعلم أن كل دقيقة تأخير تعني معاناة عائلة كاملة".
راتب يوليو وصل في نوفمبر بعد انتظار قاتل، لكن السؤال الذي يؤرق الجميع: متى سيصل راتب أغسطس وسبتمبر وأكتوبر؟ على العسكريين إدارة هذه الأموال بحكمة والاستعداد لاحتمال تأخيرات أخرى، فالحرب لا تزال مستمرة والأزمة المالية لم تنته بعد.