في كشف مدوي هز الأوساط الاقتصادية، كشف خبير اقتصادي بارز عن تبخر 80 مليار دولار من رؤوس الأموال اليمنية خلال 11 عاماً فقط، في أكبر نزيف اقتصادي يشهده التاريخ اليمني الحديث. الأرقام الصادمة تكشف كارثة حقيقية: اليمنيون يبنون اقتصادات مزدهرة في بلدان أخرى بينما وطنهم ينهار أمام أعينهم، وكل يوم تأخير في إيجاد الحلول يعني مليارات إضافية مفقودة للأبد.
الخبير الاقتصادي البارز علي التويتي فجر قنبلة إحصائية حين كشف أن التقديرات الحقيقية لرؤوس الأموال اليمنية المهاجرة تتراوح بين 60 إلى 80 مليار دولار، موزعة على دول عدة أبرزها السعودية ومصر والأردن وتركيا والإمارات. ليس هذا فحسب، بل إن جابر بن هلابي، رجل الأعمال اليمني الذي يملك 11 فرعاً لـ"الصالة الاقتصادية" في السعودية وحدها، يمثل "نطفة من فيض" هذا النزيف المدمر. الأرقام تتحدث عن انخفاض متوسط دخل الفرد اليمني من 1500 دولار عام 2014 إلى 430 دولار حالياً - انهيار بنسبة 70% يعادل عودة عقود للوراء.
خلال 30 عاماً، بنى اليمنيون طبقة وسطى مزدهرة كانت تشكل العمود الفقري للاقتصاد، لكن 11 عاماً من الحرب دمرت هذا الإنجاز بالكامل. انقطاع رواتب موظفي الدولة التي كانت تتجاوز تريليون ريال سنوياً ضرب أكبر شريحة عمالية في البلاد، بينما توقف الصادرات النفطية التي كانت تحقق 10 مليارات دولار سنوياً. النتيجة: انكماش الناتج المحلي الإجمالي من 43 إلى 20 مليار دولار، بخسائر تراكمية تقدر بـ 253 مليار دولار. لم يشهد اليمن هجرة رؤوس أموال بهذا الحجم منذ تأسيس الدولة الحديثة، والخبراء يؤكدون استحالة التعافي الاقتصادي بدون عودة جزء كبير من هذه الأموال.
أما التأثير على الحياة اليومية فكارثي بكل المقاييس. فاطمة العريقي، ربة منزل من صنعاء، تحكي مأساتها: "بدأنا ببيع المجوهرات، ثم الأثاث، وأخيراً اضطررنا لبيع قطعة الأرض التي ورثناها من الوالد." هذا المشهد يتكرر في آلاف البيوت اليمنية، حيث تحولت عائلات كاملة من الطبقة الوسطى إلى الفقر. أحمد المنصوري، موظف حكومي سابق، باع منزله بعد 3 سنوات من انقطاع راتبه، قائلاً: "عشت 25 عاماً أبني مستقبلي، وفي 3 سنوات فقط فقدت كل شيء." الآن، جيل كامل يكبر في الفقر بينما يشهد آباؤهم تحول اليمن من دولة منتجة إلى معتمدة على المساعدات فقط.
التويتي لخص الكارثة بعبارات مؤثرة: "خسرنا مئات الآلاف من الأرواح، وأكثر منهم مصابين ومعاقين، خسرنا بلادنا حرفياً، ولم نعي بعد الكارثة." السباق مع الزمن بدأ لإنقاذ ما تبقى من الاقتصاد اليمني قبل أن تهاجر آخر الاستثمارات المتبقية. الحاجة ملحة لوضع خطة طوارئ فورية لوقف هذا النزيف المدمر واستعادة الثقة في الاقتصاد المحلي. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: كم من الوقت تبقى قبل أن نفقد آخر مليار دولار يمني، وهل سنشهد عودة هذه الأموال يوماً إلى وطنها الأصلي؟