في تطور صاعق هز الأسواق العربية، أودعت السعودية 90 مليون دولار في البنك المركزي اليمني خلال ساعات قليلة، منهية معاناة آلاف الموظفين الذين انتظروا رواتبهم 120 يوماً كاملة. هذا المبلغ الضخم - الذي يعادل الناتج المحلي لدولة صغيرة - تدفق كالمطر بعد جفاف طويل على أرض اليمن العطشى، محولاً اليأس إلى أمل في لحظات معدودة.
بدأ البنك المركزي اليمني في عدن صباح الأحد بصرف الرواتب المتأخرة فور وصول الدفعتين الأولى والثانية من المنحة السعودية البالغة 368 مليون دولار. خالد العدني، محاسب في البنك المركزي، عمل ليل نهار مع فريقه لتسريع العملية: "شاهدنا الفرح يتدفق على وجوه الموظفين، كان مشهداً لا يُنسى". أحمد المحضار، موظف حكومي وأب لثلاثة أطفال، روى لحظة استلام راتبه: "بعد أربعة أشهر من الكفاح لتوفير الطعام، أخيراً يمكنني النظر في عيون أطفالي دون خجل".
هذا الدعم المالي جاء في وقت حرج تعاني فيه الحكومة اليمنية من أزمة اقتصادية خانقة منذ توقف تصدير النفط في أكتوبر 2022 بسبب هجمات الحوثيين المدمرة. خسائر الحكومة وصلت إلى 3 مليارات دولار خلال ثلاث سنوات - مبلغ يكفي لبناء 600 مدرسة حديثة أو تشغيل 15 مستشفى كبير لعقد كامل. د. عبدالله الاقتصادي، خبير الشؤون المالية اليمنية، أكد أن "الاعتماد على النفط بنسبة 70% من الميزانية خلق هشاشة مروعة في الاقتصاد اليمني".
التأثير الفوري لهذا الدعم تجاوز مجرد صرف الرواتب ليشمل انتعاشاً ملحوظاً في الأسواق المحلية وعودة الثقة للخدمات الحكومية الأساسية. فاطمة الجنوبية، معلمة في عدن، وصفت اللحظة: "سمعنا أصوات الفرح تملأ البنوك، وآلات الصراف تطبع الإيصالات بلا توقف". المحللون يتوقعون أن يؤدي هذا الدعم إلى استقرار العملة المحلية وتحسين الخدمات العامة، لكنهم يحذرون من مخاطر الاعتماد المفرط على المساعدات الخارجية. هناك فرص ذهبية للاستثمار في مشاريع إعادة الإعمار، لكن التحدي الأكبر يبقى في مواجهة رد فعل الحوثيين المحتمل.
أثنى رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، على السرعة السعودية في التحويل التي وصفها بـ"صاعقة الأمل في سماء اليأس اليمني"، مؤكداً أن هذه الخطوة ستعزز جهود الاستقرار المالي وتفتح آفاقاً جديدة للنهضة الاقتصادية. لكن السؤال الأهم يبقى: هل ستكون هذه بداية النهضة الحقيقية لليمن، أم مجرد مسكن مؤقت لأزمة تحتاج إلى حلول جذرية أعمق؟