في صدمة اقتصادية جديدة تضرب قلب اليمن، سجلت أسعار السلع الأساسية في عدن ارتفاعاً مدوياً بنسبة 25% خلال أسبوعين فقط، في حين تتفرج السلطات الحكومية على معاناة المواطنين دون أدنى تدخل. هذا الارتفاع الجنوني يعني أن راتب الموظف اليمني فقد ربع قوته الشرائية في 14 يوماً فقط، والأسوأ أن كل ساعة تمر دون تدخل تعني المزيد من الأسر المحطمة على عتبة الإفلاس.
تحولت أسواق عدن إلى ساحة معركة حقيقية بين المواطنين والأسعار المتوحشة، حيث شهدت المواد الغذائية واللحوم والدواجن قفزات مرعبة تراوحت بين 15 و25%. أم محمد، ربة بيت تعول خمسة أطفال، تروي مأساتها بصوت متحشرج: "لم أعد قادرة على شراء اللحوم لأطفالي، بعد أن أصبح سعر الكيلو الواحد يستنزف نصف راتب زوجي". المشهد ذاته يتكرر أمام المطاعم والصيدليات، حيث تضاعفت تكلفة الوجبات والأدوية في تزامن مثير للشكوك يكشف عن تلاعب منظم.
خلف هذه الكارثة الاقتصادية تقف سنوات من الدمار والإهمال الحكومي، فبينما تشهد عدن تحسناً مؤقتاً في سعر صرف الريال اليمني، تنطلق الأسعار كالصواريخ الجامحة دون رقابة أو رادع. د.عبدالله الاقتصادي، المحلل الاقتصادي اليمني، يحذر بقوة: "نحن أمام نموذج مصغر لما حدث في 2018 عندما وصل التضخم لـ30%، والفرق أن السرعة الحالية أشد فتكاً". غياب التسعيرة الرسمية وانهيار منظومة الرقابة سمح للتجار بالعبث بأرواح الناس دون خوف من عقاب.
في شوارع عدن، تحولت عملية التسوق إلى كابوس يومي يعيشه المواطنون. سالم العامل الذي يتقاضى 60 ألف ريال شهرياً، يقف محتاراً أمام أحد المتاجر وهو يهمس بيأس: "راتبي الآن لا يكفي أسبوعاً واحداً، كيف سأطعم عائلتي؟". الخبراء يتوقعون سيناريوهات أسود، حيث قد تواجه الطبقة المتوسطة الانهيار الكامل خلال أشهر قليلة، وقد تشهد عدن موجة هجرة جماعية إذا استمر هذا الاستنزاف المنظم لجيوب المواطنين. الفرص الوحيدة المتاحة تكمن في دعم المنتجات المحلية والتوجه لأنماط استهلاك أكثر اقتصاداً.
وسط هذا المشهد القاتم، تبقى الأسئلة الحارقة معلقة في سماء عدن: أين دور الحكومة في حماية المواطن؟ ومتى ستتحرك السلطات لوضع حد لهذا العبث بأقوات الناس؟ كم من الوقت يمكن للشعب اليمني أن يتحمل قبل أن ينكسر تحت وطأة هذا الجشع المنفلت؟ الساعات القادمة ستحدد ما إذا كانت عدن ستشهد انفراجة أم ستغرق أكثر في دوامة الإفقار المنظم.