في بلد يحتل المرتبة 94 من أصل 99 دولة في الرعاية الصحية، يثور الشباب ضد إنفاق المليارات على كأس العالم، إذ أن أكثر من 70 شاب مغربي اعتُقلوا لمجرد مطالبتهم بعلاج أفضل وتعليم جيد. بينما تموت 8 حوامل في أغادير، تستمر الاستثمارات في الملاعب الفخمة، مُشيرةً إلى مأساة حقيقية يحذر الخبراء من مغبتها. فهل تنتهي الأمور عند هذا الحد؟
انتشر الشباب المغربي في شوارع الرباط والدار البيضاء هاتفين 'ما بغيناش كأس العالم' بينما قوات الأمن تحاصرهم من كل جانب، في مشهد يصور الغضب العام المتزايد. 4 أطباء فقط لكل 10 آلاف مواطن - رقم أقل من المعدل العالمي المطلوب، يدفع الشباب نحو الاحتجاج. "'خرق سافر لتعهدات المغرب الدولية' - هكذا وصف حكيم سيكوك تعامل السلطات مع المحتجين"، موجة من الغضب اجتاحت الجامعات والأحياء الشعبية بعد انتشار صور اعتقال الطلاب. فاطمة الزهراء، طالبة جامعية تبلغ من العمر 22 سنة، اعتُقلت أثناء مشاركتها السلمية في إحدى الوقفات.
جاءت هذه الاحتجاجات في سياق تراجع مستمر لجودة الخدمات العامة مع إنفاق حكومي كبير على المشاريع الرياضية. معدل بطالة يصل إلى 12.8% وخدمات صحية متردية دفعت الشباب للشارع، مما يعيد الأذهان إلى حراكات الربيع العربي، لكن بمطالب مختلفة تركز على الخدمات الأساسية. يحذر المراقبون من 'تنامي الاحتقان الاجتماعي' إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات عاجلة. د. محمد التازي، أستاذ علم الاجتماع، يعلق قائلاً: "هذا الحراك يعكس فجوة عميقة بين الحكومة والشباب".
المواطن العادي بات يشعر بالقلق من تدهور الخدمات بينما تُضخ الأموال في مشاريع لا تطعمه ولا تداويه. قد تشهد الأسابيع القادمة تصعيداً في الحراك إذا لم تستجب الحكومة للمطالب، مما يشكل فرصة ذهبية للحكومة لإثبات أنها تستمع لشعبها قبل فوات الأوان. أمين العدالي، ناشط حقوقي نظم حملات توعية حول أهمية الاحتجاج السلمي، يرى أن هذه اللحظة تحمل في طياتها إمكانية تغيير حقيقي.
في المحصلة، يواجه المغرب اختباراً حقيقياً بين تطلعاته الرياضية العالمية ومطالب شعبه الأساسية. الأيام القادمة ستحدد ما إذا كان المغرب سيصبح نموذجاً في تنظيم كأس العالم أم في إهمال شعبه. على الحكومة المغربية أن تتخذ قراراً حاسماً: هل ستستمع لصوت شبابها أم ستواصل السير في طريق الصدام؟ والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ستنجح هذه الثورة الصامتة في إعادة ترتيب أولويات دولة بأكملها؟