من قرية نائية في محافظة تعز اليمنية إلى قيادة إمبراطورية اقتصادية تضم 92 شركة وتوظف أكثر من 35 ألف شخص حول العالم، تبدو قصة الحاج هايل سعيد أنعم وكأنها خرجت من أفلام هوليوود، لكنها حقيقة واقعة تؤكد أن الأحلام الكبيرة يمكن أن تولد في أكثر الأماكن تواضعاً.
وُلد هايل سعيد أنعم عام 1902 في قرية قرض بمديرية حيفان، حيث كانت بداياته الأولى ترعى الأغنام في تلال تعز الخضراء. لم تكن تلك البدايات المتواضعة تنبئ بالإمبراطورية التجارية العملاقة التي ستحمل اسمه يوماً ما، لكن العزيمة والطموح كانا يغليان في قلب هذا الفتى اليمني الصغير.
في عام 1915، اتخذ هايل سعيد القرار الجريء الذي غيّر مجرى حياته تماماً - ترك قريته الصغيرة متجهاً إلى عدن، ومن ثم سافر إلى فرنسا حيث عمل في ميناء مرسيليا. هناك، في أروقة الميناء الفرنسي الصاخب، اكتسب خبرات تجارية ثمينة صقلت مهاراته وفتحت عينيه على عالم التجارة الدولية.
العام 1938 شهد ولادة الحلم الحقيقي، عندما عاد هايل سعيد إلى عدن وأسس مع إخوته متجراً صغيراً في منطقة المعلا. هذا المتجر المتواضع كان النواة الأولى لما سيصبح لاحقاً واحدة من أضخم المجموعات التجارية في الشرق الأوسط، حيث بدأ بتصدير المنتجات اليمنية واستيراد السلع الأجنبية.
التوسع لم يتوقف عند حدود اليمن، فقد امتدت أذرع إمبراطورية هايل سعيد أنعم لتشمل دولاً متعددة مثل السعودية والإمارات ومصر والمملكة المتحدة وماليزيا وإندونيسيا وكينيا ونيجيريا. تنوعت استثماراتها عبر قطاعات الأغذية والزراعة والصناعة والخدمات والتمويل، مما جعلها قوة اقتصادية حقيقية في المنطقة.
رغم وفاة هايل سعيد أنعم في 23 أبريل 1990، إلا أن إرثه الاقتصادي والاجتماعي يواصل الازدهار تحت إدارة أبنائه وأحفاده، الذين يحافظون على القيم والمبادئ التي غرسها فيهم، مؤكدين أن قصص النجاح الحقيقية لا تموت بموت أصحابها، بل تستمر لتلهم الأجيال القادمة.