الرئيسية / مال وأعمال / صادم: السلطات اليمنية تحمي "كنز الأحلام" وتهمل الكنوز الحقيقية المؤكدة علمياً!
صادم: السلطات اليمنية تحمي "كنز الأحلام" وتهمل الكنوز الحقيقية المؤكدة علمياً!

صادم: السلطات اليمنية تحمي "كنز الأحلام" وتهمل الكنوز الحقيقية المؤكدة علمياً!

نشر: verified icon مروان الظفاري 26 سبتمبر 2025 الساعة 09:55 مساءاً

في مشهد يكشف عن تناقض صارخ في أولويات السلطات اليمنية، تحشد القوات العسكرية لحماية موقع حفر مبني على رؤيا منامية، بينما تتعرض كنوز أثرية حقيقية عمرها 1800 عام للنهب والإهمال في نفس المحافظة. هذه المفارقة المؤلمة في الضالع تكشف حقيقة أعمق: كيف تضيع الثروات التاريخية الحقيقية بسبب الجهل بقيمتها، بينما تُستنزف الموارد في البحث عن أوهام؟

وسط ضجيج البحث عن الكنز المزعوم في سيلة العامري، يقف د. سالم الضالعي، خبير الآثار المحلي، عاجزاً أمام مشهد مؤلم: "شاهدت بعيني كيف تُنهب القطع الأثرية من موقع مشيجح، بينما السلطات منشغلة بحماية حفرة فارغة". الأرقام تتحدث بوضوح صادم: موقعان أثريان مؤكدان علمياً، نقوش تعود للحضارة الحميرية، وصفر حماية رسمية. المواقع الأثرية في مشيجح والفائش تحتضن كنوزاً تاريخية حقيقية - نقوشاً حميرية نادرة وبقايا معمارية تحكي قصة طرق التجارة القديمة التي ربطت اليمن بالعالم.

التاريخ يعيد نفسه بطريقة مأساوية، فكما أهمل العثمانيون آثار تدمر قبل تدميرها، تكرر السلطات اليمنية نفس الخطأ الجسيم. الخبراء يشيرون إلى أن موقع مشيجح الأثري يحتوي على نقوش سبئية وحميرية تؤرخ لفترات ذهبية من التاريخ اليمني، بينما موقع الفائش يضم مدافن قديمة وقطعاً فخارية تُعرض حالياً في متحف الضالع الصغير. د. فاطمة الحميري، المتخصصة في النقوش اليمنية القديمة، تحذر: "نفقد كل يوم جزءاً من هويتنا التاريخية بسبب هذا الإهمال المقصود".

بينما تضيع فرص ذهبية لتحويل الضالع إلى وجهة سياحية تضاهي البتراء في الأردن، يدفع المواطن العادي الثمن. علي مقبل، راعي الأغنام الذي شهد عمليات النهب في مشيجح، يروي بحرقة: "أجدادنا تركوا لنا كنوزاً حقيقية، لكننا ننشغل بالبحث عن السراب". الحقيقة المرة أن كل يوم تأخير في حماية هذه المواقع يعني فقدان فرص عمل محتملة لمئات الشباب في الإرشاد السياحي وصناعة الحرف التراثية. تجربة محافظة حضرموت في تطوير السياحة الأثرية تثبت أن الاستثمار في التراث يمكن أن يحول المجتمعات الفقيرة إلى مراكز ازدهار اقتصادي.

السؤال الذي يحرق الضمير: هل سنفقد تراثنا العريق من أجل أحلام وهمية؟ الكنوز الحقيقية لا تحتاج لرؤى منامية، بل لإرادة سياسية حقيقية وعمل جماعي منظم. الوقت ينفد أمام إنقاذ ما تبقى من تاريخ اليمن، والاختيار واضح: إما حماية تراثنا الحقيقي أو مشاهدته يتحول إلى ذكرى أليمة نرويها للأجيال القادمة.

شارك الخبر