في فضيحة مالية مدوية تهز أركان النظام المصرفي اليمني، كشفت نقابة الصرافين الجنوبيين عن 300 ألف حوالة مالية محتجزة دون وجه حق في البنوك - رقم صادم يعادل تقريباً عدد سكان مدينة متوسطة بأكملها! بينما تغرق آلاف الأسر اليمنية في بحر من المعاناة والعوز، تستثمر البنوك أموالهم المحجوزة في مشاريعها الخاصة. الحقيقة المرة: كل يوم تأخير يعني مزيداً من الجوع والمرض لعائلات تنتظر أموالها المسروقة.
أم أحمد، أرملة في الأربعينات، تقف أمام أحد البنوك في عدن منذ الصباح الباكر، عيناها تذرفان الدمع وهي تحمل تقريراً طبياً لابنتها المريضة. "ابني أرسل لي حوالة من السعودية لعلاج أختي منذ شهرين، والبنك يقول الحوالة معلقة!" تحكي بصوت مكسور. هذا المشهد المؤلم يتكرر يومياً أمام عشرات البنوك التي تحتجز 200 ألف حوالة في الشبكات العاملة وحدها، بينما تستفيد هذه المؤسسات من استثمار هذه الأموال لصالحها الخاص في انتهاك صارخ لأموال الأمانة.
وراء هذه الكارثة الإنسانية تكمن أسباب صادمة تكشف عن ضعف مريع في الرقابة المصرفية، حيث تشير النقابة إلى إيقافات البنك المركزي المتكررة للشبكات دون حلول للحوالات المتراكمة، إضافة إلى غياب أرقام هواتف صحيحة للمستلمين وأخطاء تقنية وبشرية. المفارقة المؤلمة: بينما شبكات الشمال الواقعة تحت سيطرة الحوثيين بادرت لحل هذه المشكلة، تتجاهل بنوك الجنوب صرخات المواطنين! الخبراء يحذرون من أن هذا التأخير ليس مجرد إهمال، بل استغلال منظم لأموال الفقراء.
علي المهاجر، مغترب يمني في الرياض، يروي مأساته بحرقة: "أرسل أموالاً لعائلتي كل شهر، لكن آخر حوالتين لم تصلا، وأهلي يتصلون بي يومياً يسألون عن المال والبنك يقول 'انتظروا'". هذا الواقع المرير يطال آلاف الأسر التي تعتمد على هذه التحويلات لتغطية تكاليف الطعام والدواء والإيجار. النتيجة المدمرة: مرضى لا يستطيعون شراء الأدوية، وأطفال يذهبون للنوم جوعى، وأسر تواجه خطر الطرد من منازلها، كل ذلك بينما تنمو أرباح البنوك من استثمار أموالهم المحجوزة!
السؤال الذي يحرق الضمائر: حتى متى ستبقى أموال الفقراء رهينة في خزائن البنوك؟ النقابة تطالب بتدخل فوري من البنك المركزي، والمواطنون ينتظرون إنقاذ أموالهم من براثن هذا النظام الجشع. الخيار واضح: إما العدالة الآن، أو انهيار كامل للثقة في النظام المصرفي اليمني إلى الأبد.