في بلد يحتاج 80% من سكانه لمساعدة إنسانية عاجلة، تجرأ المحتالون على استغلال حاجة الناس اليائسة بأبشع الطرق - انتحال صفة الصليب الأحمر لسرقة آخر ما تبقى من أمل العائلات اليمنية. رسالة واحدة مزيفة قد تكلف عائلة يمنية آخر مدخراتها وأملها الوحيد في لم الشمل، في جريمة تهز الضمير الإنساني. تحذير عاجل: هاتفك قد يرن الآن برسالة تدمر حياتك!
تكشف مصادر مطلعة أن أم محمد، الأرملة من صنعاء التي فقدت ابنها منذ سنتين، تلقت مكالمة هاتفية تدعي إمكانية العثور عليه مقابل 50 ألف ريال يمني - مبلغ يعادل راتب ثلاثة أشهر لعامل بسيط. "سمعت صوتاً هادئاً يعدني بأخبار عن ولدي، وكاد قلبي ينفجر من الأمل، ثم طلب مني المال" تروي أم محمد وهي تمسح دموعها. لكن علي الشامي، المتطوع المحلي الذي اكتشف المحاولة، تدخل في اللحظة الأخيرة وأنقذها من الوقوع في الفخ. المذهل أن الصليب الأحمر لا يطلب ولو ريالاً واحداً مقابل خدماته الإنسانية - صفر ريال هي التكلفة الحقيقية.
يستغل هؤلاء المجرمون الوضع الإنساني المأساوي في اليمن، حيث 4.3 مليون نازح وآلاف العائلات التي تبحث عن أحبائها المفقودين أو المحتجزين. د. سارة الحميري، خبيرة الأمن السيبراني، تحذر: "نشهد تزايداً مخيفاً في هذه الجرائم خلال الأزمات، فالمحتالون يعرفون أن اليأس يعمي البصيرة." هذه ليست المرة الأولى في التاريخ - فقد استغل النصابون الحرب العالمية الثانية بنفس الطريقة الوحشية لخداع عائلات المفقودين، ولكن لم نشهد من قبل استغلالاً بهذه القسوة لاسم منظمة إنسانية عريقة.
في كل بيت يمني اليوم، يرتجف الهاتف برسائل الخداع التي تنتشر كالبرق في سماء محملة بالغيوم السوداء. أحمد العولقي يصف لحظة تلقيه الرسالة المشبوهة: "رأيت الرسالة في منتصف الليل، وشعرت ببرودة العرق تغطي جسدي عندما أدركت أنها محاولة احتيال." التأثير لن يقتصر على الضحايا المباشرين - فقدان الثقة قد يمنع المحتاجين الحقيقيين من طلب المساعدة من المنظمات الإنسانية الحقيقية. الخبراء يتوقعون تطور أساليب أكثر تعقيداً، بينما العائلات اليمنية محاصرة بين نار الحرب وذئاب الاحتيال.
الصليب الأحمر واضح: لا مال مقابل المساعدة، والتحقق عبر القنوات الرسمية واجب مقدس. النصيحة الذهبية: إذا طُلب منك مال مقابل مساعدة إنسانية، فاعلم أنها خدعة. في زمن تختلط فيه الحقيقة بالكذب، والأمل بالخداع، هل ستكون أنت الضحية التالية أم الحارس اليقظ الذي ينقذ مجتمعه من براثن المحتالين؟