في تطور صادم يكشف عمق الأزمة الاقتصادية اليمنية، وصل سعر أوقية الذهب الواحدة إلى 892,631 ريال يمني - رقم يفوق راتب معلم يمني لستة أشهر كاملة! بينما ينام اليمنيون على وقع القصف، تتباعد أسعار الذهب بين صنعاء وعدن كما تتباعد المجرات في الفضاء، مخلفة وراءها مأساة إنسانية حقيقية. الخبراء يحذرون: كل دقيقة تأخير في حماية مدخراتك تعني خسارة قيمتها أمام جنون التضخم المدمر.
استقرار مؤقت خادع يخفي وراءه عاصفة اقتصادية حقيقية، حيث سجل جرام الذهب عيار 24 مستوى 119.74 دولار، بينما وصل عيار 21 إلى 104.88 دولار - أرقام تحبس الأنفاس وتصدم القلوب. "الذهب لم يعد ترفاً، بل ضرورة للبقاء الاقتصادي" يقول أحمد، تاجر ذهب في صنعاء القديمة، وهو يشاهد عائلات كاملة تعيد حساباتها أمام واجهة محله. في الشوارع المجاورة، تصطدم أحلام الزواج بأسعار الذهب الفلكية، حيث يحتاج الشاب اليمني الآن إلى ادخار راتب ستة أشهر لشراء خاتم خطوبة بسيط.
خلف هذه الأرقام المرعبة تكمن حرب استمرت عقداً كاملاً، حولت العملة اليمنية إلى مجرد ورق ملون يفقد قيمته يومياً. الانقسام السياسي بين صنعاء وعدن ولد انقساماً اقتصادياً يدمر حياة الملايين، في كارثة تذكرنا بانهيار العملة التركية والأرجنتينية. "الأسوأ لم يأت بعد، والذهب قد يصبح العملة الوحيدة المقبولة في اليمن" يحذر د. محمد الاقتصادي، خبير الأسواق المالية، بينما تشير التوقعات إلى أن الفجوة السعرية بين المناطق المختلفة ستتسع أكثر.
في الحياة اليومية، تتجلى المأساة بوضوح مؤلم: فاطمة من عدن تحكي كيف أن ابنها المقبل على الزواج يحتاج الآن إلى ستة أشهر ادخار كامل لشراء خاتم خطوبة واحد فقط. المجتمع ينقسم بسرعة البرق بين من يملك الذهب ومن لا يملك حتى قوت يومه، في تحول اجتماعي خطير قد يعيد تشكيل النسيج الاجتماعي اليمني. بينما تمثل هذه الأزمة فرصة ذهبية لأصحاب رؤوس الأموال للاستثمار، فإنها كارثة حقيقية لمحدودي الدخل الذين يشاهدون مدخراتهم تتبخر أمام أعينهم.
أمام هذا المشهد المأساوي، يبقى السؤال الأهم: هل سيصبح الذهب عملة اليمن الجديدة؟ الإجابة تكمن في قدرة اليمنيين على حماية ما تبقى من مدخراتهم قبل فوات الأوان. احم مدخراتك الآن، فالذهب قد يكون ملاذك الأخير في عاصفة التضخم الجنونية. السؤال الذي يجب أن يطرحه كل يمني على نفسه اليوم: "متى ستدرك أن مدخراتك تذوب كالثلج تحت شمس التضخم الحارقة؟"