في مأساة تكشف عن انهيار منظومة الطوارئ الطبية، لقيت امرأتان مصرعهما وأصيب خمسة آخرون في حادث مروع بمحافظة أبين، بينما تقف جميع سيارات الإسعاف في المنطقة معطلة تماماً - وهو ما يعني أن آلاف المواطنين الذين يسافرون يومياً على هذا الطريق الحيوي محرومون من أي إمكانية للإنقاذ السريع في اللحظات الحرجة.
وقع الحادث المروع مساء الأحد على الطريق الدولي الساحلي في منطقة المخشف شرق مديرية أحور، عندما تصادمت سيارة نقل من نوع "نوها" تقل الضحايا في رحلة من عدن إلى المكلا، مع سيارة "هايلوكس" قادمة من الاتجاه المعاكس بقوة هائلة حولت الرحلة العادية إلى كابوس دموي. "رأيت أشلاء السيارات متناثرة والدماء على الأسفلت، كان مشهداً لا يُنسى"، يروي علي المزارع، شاهد العيان الذي هرع لمساعدة الضحايا رغم هول الصدمة.
لكن المأساة الحقيقية بدأت بعد الحادث، حين اكتشف الأهالي أن جميع سيارات الإسعاف الثلاث التابعة لمستشفى أحور متوقفة عن العمل منذ شهور طويلة. هذا الإهمال المزمن حول منطقة تشهد حوادث متكررة على أحد أهم الطرق في اليمن إلى منطقة منكوبة طبياً، حيث يضطر المواطنون لنقل الجرحى والمحتضرين بوسائل بدائية قد تكلفهم حياتهم.
وسط هذه المعاناة الإنسانية البالغة، يناضل الدكتور أحمد المدحدح، مدير مكتب الصحة في المديرية، في معركة يائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. "كل يوم يمر دون إصلاح سيارات الإسعاف قد يعني موت أبرياء كان بالإمكان إنقاذهم"، يقول المدحدح بمرارة وهو يناشد الجهات المعنية التدخل الفوري. المفارقة المؤلمة أن المصابين الخمسة ما زالوا يصارعون الموت في المستشفى، بينما تقف سيارات الإسعاف التي كان من المفترض أن تسرع بإنقاذهم صامتة كشواهد قبور على إهمال قاتل.
هذه ليست مجرد مأساة عابرة، بل نذير شؤم لكل من يستخدم الطريق الدولي الذي يربط بين عدن والمكلا. فمع استمرار تعطل منظومة الطوارئ الطبية، قد تكون رحلتك التالية على هذا الطريق محفوفة بمخاطر قاتلة. السؤال المؤرق: كم من الأرواح البريئة ستزهق قبل أن تتحرك الجهات المسؤولة لإنقاذ ما تبقى من الضمير الإنساني؟