في ثوانٍ معدودة تحولت لحظة صلاة مقدسة إلى مأساة أبدية هزت ضمير اليمن، عندما قتل طفل لم يتجاوز الرابعة والنصف من عمره نفسه بسلاح والده أثناء انشغاله بالصلاة. هذه المأساة المروعة التي وقعت في محافظة حجة تُضاف إلى قائمة طويلة من عشرات الضحايا الأطفال الذين سقطوا خلال السنوات الأخيرة بسبب العبث بالأسلحة المنزلية، والسؤال المؤلم يبقى: هل منزلك آمن من هذه المأساة؟
استغل الطفل البريء لحظات خشوع والده في الصلاة، وكما يفعل أي طفل فضولي، أمسك بما ظنه لعبة جديدة - مسدس والده. "في 4.5 ثانية فقط، تحولت براءة الطفولة إلى كابوس أبدي"، تقول فاطمة الجارة التي سمعت صوت الطلقة المدوي: "سمعنا صوتاً مرعباً ثم صراخاً لا يُوصف من المنزل، كان الطفل الصغير قد أطلق النار على رأسه عن طريق الخطأ". المشهد الذي واجه الوالد عند انتهائه من الصلاة كان أشبه بكابوس لا يُصدق - طفله الحبيب ملقى على الأرض وقد فارق الحياة.
هذه ليست الحادثة الأولى من نوعها في اليمن، بل جزء من مأساة أكبر تعكس الثمن الباهظ للحرب الدائرة منذ سنوات. انتشار الأسلحة في المنازل اليمنية بات أمراً عادياً في ظل الصراع المستمر، لكن ما ليس عادياً هو ضعف الوعي حول خطورة ترك هذه الأسلحة في متناول الأطفال. المقارنة مؤلمة: طفل لم يتعلم القراءة بعد، تعلم كيف يطلق النار. الخبراء يؤكدون أن هذه الحوادث تشبه إلى حد كبير ما يحدث في الولايات المتحدة، حيث تودي حوادث الأسلحة المنزلية بحياة المئات من الأطفال سنوياً.
التأثير النفسي المدمر لهذه المأساة لا يقتصر على الأسرة فحسب، بل يمتد ليشمل المجتمع المحلي بأكمله في محافظة حجة. "الآن كل أب وأم في المنطقة يتساءلون: هل سلاحي آمن؟ هل أطفالي في خطر؟" كما تقول سلمى، إحدى الأمهات في المنطقة. الحلول بسيطة لكنها حيوية: حفظ الأسلحة في خزائن مقفلة، تعليم الأطفال خطورة الأسلحة، وعدم ترك أي سلاح محمل في متناول الصغار. لكن السؤال الأهم: كم عائلة أخرى ستدفع هذا الثمن الفادح قبل أن نتعلم؟
هذه المأساة المؤلمة تذكرنا جميعاً بأن الأمان في منازلنا مسؤولية لا تحتمل التأجيل. على كل والد يحمل سلاحاً أن يتذكر وجه هذا الطفل البريء ويسأل نفسه: هل سأسمح لمثل هذه المأساة أن تحدث في بيتي؟ الإجابة بأفعالنا اليوم قد تنقذ حياة أطفالنا غداً، فكم طفلاً آخر سيدفع حياته ثمناً لإهمالنا؟