أصدرت مراكز الأرصاد الجوية العربية تحذيرات طارئة من موجة أمطار استثنائية غير مسبوقة تمتد لستة أيام متواصلة، مع توقعات بتساقط أمطار غزيرة وتكوّن سيول جارفة تشكل خطراً مباشراً على المواقع التاريخية والأثرية في المنطقة العربية، ويأتي هذا التحذير في توقيت غير اعتيادي خلال شهر سبتمبر الذي يشهد عادة أجواء مستقرة نسبياً.
وحذّرت الهيئة العامة للأرصاد الجوية السودانية من الاستمرار المقلق لتأثير منخفض الهند الموسمي الذي يغطي مساحات شاسعة من البلاد، مع نشاط الفاصل المداري عبر شمال البحر الأحمر. هذا النظام الجوي المعقد يحمل في طياته أمطاراً غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية قوية ورياح عاتية مثيرة للغبار والأتربة، مما يجعل الوضع الجوي في حالة عدم استقرار شديدة.
في المملكة العربية السعودية، أعلن المركز الوطني للأرصاد عن استمرارية مقلقة لهطول أمطار رعدية متوسطة إلى غزيرة على مناطق جازان وعسير الجبلية، مع توقعات خطيرة بجريان السيول وتساقط زخات مدمرة من البَرَد. الرياح النشطة المتوقعة ستصل سرعتها إلى مستويات قياسية تبلغ 60 كيلومتراً في الساعة باتجاه خليج العقبة، مما سيحد بشكل كبير من مدى الرؤية الأفقية ويعرقل حركة الملاحة البحرية والجوية.
التحذيرات الجوية تمتد لتشمل مناطق حيوية واسعة منها الباحة ومكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض والمنطقة الشرقية ونجران، حيث تشير توقعات الطقس إلى هطول أمطار تتراوح بين الخفيفة والمتوسطة، بينما ارتفاع الأمواج في البحر الأحمر سيتراوح بين متر إلى مترين ونصف، مما يجعل حالة البحر متوسطة الموج إلى مائجة وخطيرة على الأنشطة البحرية.
الخطر الحقيقي والمباشر يكمن في التأثير المدمر لهذه الأمطار الاستثنائية طويلة المدى على المباني التاريخية والمعالم الأثرية العريقة، وقد شهدت منطقة حراز غربي صنعاء مؤخراً انهياراً جزئياً مأساوياً لأحد مباني حصون آل قاسم التاريخية بسبب الأمطار الغزيرة المستمرة. هذا الحادث المؤلم يكشف عن الهشاشة الخطيرة للمعالم التراثية أمام الظواهر الجوية القاسية، خاصة في ظل غياب أعمال الصيانة الدورية والاهتمام الكافي بهذه الكنوز التاريخية.
في جمهورية مصر العربية، تظهر خرائط متابعة حالة الطقس الحديثة فرص سقوط أمطار خفيفة ورعدية على مناطق حلايب وشلاتين الحدودية، مع ارتفاع كبير في درجات الحرارة يصل إلى 43 درجة مئوية في أسوان و42 درجة في الأقصر. الأرصاد المصرية أصدرت تحذيرات صارمة من اضطراب شديد في الملاحة البحرية على البحر الأحمر وخليج السويس مع ارتفاع قياسي للأمواج يصل إلى 3.5 متر، مما يشكل تهديداً حقيقياً للسفن والقوارب.
يطالب خبراء الآثار والتراث الثقافي بضرورة اتخاذ إجراءات وقائية طارئة وفورية لحماية المواقع الأثرية والمباني التاريخية النفيسة من التأثيرات المدمرة للأمطار الاستثنائية طويلة المدى، خاصة وأن العديد من هذه المعالم التراثية تعاني من الإهمال المزمن وتفتقر بشدة لأعمال الترميم والصيانة الضرورية لمواجهة التحديات الجوية القاسية والحفاظ على إرثنا الحضاري للأجيال القادمة.