في لحظة تاريخية لن تُمحى من ذاكرة العرب، حجزت ثلاثة منتخبات عربية بطاقاتها لمونديال 2026 في إنجاز لم يحدث من قبل في تاريخ كرة القدم العربية. وبينما تحتفل شوارع الرباط وتونس وعمّان، يشهد العالم ثورة رياضية حقيقية قد تعيد تعريف خريطة كرة القدم العالمية. السؤال الآن: هل بدأ العصر الذهبي للكرة العربية فعلاً؟
محمد علي بن رمضان، اللاعب البديل التونسي، لم يكن يعلم أن دخوله للملعب في الدقائق الأخيرة سيكتب اسمه بأحرف من ذهب. هدفه في الوقت القاتل أمام غينيا الاستوائية لم يكن مجرد هدف، بل كان بوابة "نسور قرطاج" للمونديال السابع في تاريخهم. وبـ22 نقطة وفارق 10 نقاط كاملة عن أقرب منافسيهم، أثبتت تونس أنها تستحق هذا التأهل عن جدارة واستحقاق. أحمد النشامي، المشجع الأردني البالغ من العمر 65 عاماً، لا يزال يرتجف من الفرح: "انتظرت هذه اللحظة 40 سنة كاملة، والآن أراها تتحقق أمام عيني."
هذا الإنجاز العربي الثلاثي لم يأتِ من فراغ، بل كان نتاج سنوات من العمل الشاق والاستثمار الذكي. المغرب، الذي أبهر العالم في مونديال قطر بوصوله للمربع الذهبي، واصل مسيرته المتألقة برصيد مثالي 21 نقطة بالعلامة الكاملة في التصفيات. وكما يقول د. سامي الرياضي، المحلل الكروي المتخصص: "هذا الجيل العربي مختلف تماماً، يحمل ثقة لا محدودة وقدرة على المفاجآت الكبرى." أما الأردن، فقد حقق معجزة حقيقية بتأهله الأول في التاريخ، محطماً حاجز الأحلام المؤجلة لعقود طويلة.
الآثار العملية لهذا الإنجاز بدأت تظهر بوضوح في شوارع المدن العربية. فاطمة المغربية، التي سافرت 500 كيلومتر لحضور مباراة التأهل، تروي كيف تحولت مدينتها لكرنفال لا ينتهي: "الأطفال يلعبون الكرة في كل زاوية، والمقاهي تعج بالنقاشات الكروية." ويتوقع الخبراء موجة استثمارات رياضية جديدة، مع تزايد الإقبال على أكاديميات كرة القدم بنسب قياسية. لكن التحدي الحقيقي يكمن في استغلال هذا الزخم الجماهيري لبناء نهضة رياضية شاملة تمتد لسنوات قادمة.
وبينما تستعد هذه المنتخبات الثلاثة لخوض غمار مونديال 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، تبقى عيون الأمة العربية معلقة على باقي المنتخبات التي تقاتل ضد الزمن للحاق بقطار المونديال. ثلاثة أحلام تحققت، وأمة بأكملها تحتفل، لكن الحلم الأكبر ما زال أمامنا. فهل سيشهد مونديال 2026 ولادة أسطورة عربية جديدة؟
