أحبطت قوى الأمن اللبنانية، بالتعاون مع وزارة الداخلية السعودية، واحدة من أكبر عمليات تهريب المخدرات في تاريخ البلاد، حيث تم ضبط 125 كيلوغراماً من الكوكايين كانت مخبأة بطريقة محترفة داخل 840 غالوناً من الزيوت والشحوم الصناعية، في عملية أمنية استراتيجية بُنيت على معلومات استخباراتية دقيقة قدمتها الرياض.
وكشف وزير الداخلية اللبناني أحمد الحجار، خلال مؤتمر صحفي في بيروت، أن العملية نُفذت بناءً على تنسيق أمني مباشر مع وزارة الداخلية السعودية، موضحاً أن الشحنة المخدرة وصلت عبر سفينة قادمة من البرازيل مروراً بسلطنة عمان إلى ميناء طرابلس شمال لبنان.

أفاد الحجار أن التقنية المستخدمة في إخفاء المخدرات تعكس مستوى عالياً من الاحترافية من قبل الشبكات الإجرامية، حيث تم توزيع الكوكايين داخل عبوات الزيوت بطريقة تجعل اكتشافها شبه مستحيل بالطرق التقليدية. وأشار إلى أن العملية أسفرت عن توقيف شخصين حتى الآن، مؤكداً استمرار التحقيقات لتتبع باقي أعضاء الشبكة الإجرامية.
وأكد العميد طلال الشلهوب، المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية، أن العملية جاءت في إطار المتابعة الاستباقية للأنشطة الإجرامية التي تستهدف أمن المملكة والدول الشقيقة، مشيراً إلى أن السعودية مستمرة في دعم الجهود الإقليمية لمكافحة شبكات تهريب المخدرات.
تمثل هذه العملية نقطة تحول في العلاقات الأمنية بين لبنان والسعودية، خاصة بعد فترة من التوتر شهدتها العلاقات الثنائية بسبب مخاوف المملكة من استخدام الأراضي اللبنانية كممر لتهريب المخدرات، وتحديداً حبوب الكبتاغون، إلى أراضيها. ويعكس التعاون الوثيق الحالي رغبة سعودية في دعم مؤسسات الدولة اللبنانية في مواجهة الجماعات الخارجة عن القانون.
ووجه الحجار شكره الخاص إلى وزير الداخلية السعودي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف على التنسيق الوثيق والدعم المتواصل، مؤكداً أن هذا النوع من العمليات المشتركة يبرهن على فعالية التعاون العربي في محاربة الجريمة المنظمة عبر الحدود.

يُذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها العلاقات الأمنية بين البلدين نجاحاً لافتاً، حيث ساعدت إحباط محاولة تهريب أكثر من 5 ملايين قرص من مادة الإمفيتامين المخدر في يوليو الماضي، كما أسهمت في محاولة تهريب 89 ألفاً و760 قرصاً من مادة «الإمفيتامين» المخدر في الإمارات.
تأتي العملية ضمن استراتيجية إقليمية شاملة تقودها السعودية لمكافحة شبكات تهريب المخدرات، خاصة تلك القادمة من أمريكا الجنوبية عبر محطات وسيطة في منطقة الخليج وشرق المتوسط. ويشير اختيار مسار البرازيل-عمان-لبنان إلى تطور تكتيكات شبكات التهريب واعتمادها على طرق معقدة لتجنب الرقابة الأمنية.
وتعول بيروت على أن تساهم هذه النجاحات الأمنية في استعادة ثقة دول الخليج، وتحديداً السعودية، في قدرة الأجهزة اللبنانية على ضبط منافذها ومنع استخدام أراضيها كممر للمخدرات، ما قد يفتح الباب أمام تحسين العلاقات الاقتصادية في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تواجهها البلاد.