الرئيسية / شؤون محلية / عائلة لباد: كيف أعدمت السعودية شقيقين بفارق 6 سنوات والثالث ينتظر مصيره
عائلة لباد: كيف أعدمت السعودية شقيقين بفارق 6 سنوات والثالث ينتظر مصيره

عائلة لباد: كيف أعدمت السعودية شقيقين بفارق 6 سنوات والثالث ينتظر مصيره

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 02 سبتمبر 2025 الساعة 09:20 مساءاً

أدان المجتمع الحقوقي الدولي تنفيذ السلطات السعودية حكم الإعدام بحق جلال لباد وشقيقه فاضل بفارق ست سنوات، مما يسلط الضوء على مأساة عائلة فقدت اثنين من أبنائها في ظل تصاعد أحكام الإعدام بالمملكة.

تعكس قضية عائلة لباد الوجه المأساوي للعدالة الجنائية السعودية، حيث نُفذ حكم الإعدام بحق فاضل لباد في أبريل 2019 ضمن إعدام جماعي شمل 37 شخصاً بتهم تتعلق بالإرهاب، وفقاً لما وثقته منظمة العفو الدولية. بعدها بست سنوات وأربعة أشهر، واجهت العائلة نفس المصير المؤلم مع إعدام جلال لباد في أغسطس 2025.

لباد تعرض لانتهاكات جسيمة شملت العزل الانفرادي - المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان

ولد جلال لباد في الثالث من أبريل 1995، وكان قاصراً عندما اتُهم بالمشاركة في احتجاجات مناهضة للحكومة بين عامي 2011 و2012. اعتقلته قوات الأمن السعودية في فبراير 2017 خلال مداهمة منزله في مدينة العوامية دون مذكرة قضائية، حيث تعرض لانتهاكات جسيمة شملت العزل الانفرادي لمدة عشرة أشهر تقريباً.

تشير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن لباد تعرض لتعذيب وحشي تراوح بين الصعق الكهربائي والضرب المبرح والإيهام بالغرق، إضافة إلى تهديده باغتصاب شقيقاته وإعدامه إن لم يوقع على اعترافات ملقنة. استخدمت السلطات هذه الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب كأساس لإدانته في محاكمة وصفتها المنظمات الحقوقية بأنها جائرة وتفتقر لأدنى معايير العدالة.

وجهت السلطات السعودية لجلال لباد تهماً تشمل المشاركة في مظاهرات وهو في سن الخامسة عشرة، وحضور تشييع ضحايا قتلوا برصاص القوات السعودية، والتستر على مطلوبين ومساعدتهم طبياً. كما استخدمت ضده قضية مقتل القاضي محمد بن عبد الله الجيراني عام 2016، رغم أن اسمه لم يُذكر في بيانات وزارة الداخلية آنذاك.

تكشف وثائق حقوقية أن السلطات السعودية استغلت قضية الجيراني لاتهام عدد كبير من الشبان، حيث وثقت منظمات حقوقية 22 متهماً في هذه القضية، قُتل تسعة منهم خارج إطار القانون. هذا النمط يعكس استراتيجية منهجية لاستهداف المعارضين السياسيين من المنطقة الشرقية ذات الغالبية الشيعية.

أصدر الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي في الأمم المتحدة رأياً قانونياً في نوفمبر 2024 أكد فيه أن توقيف لباد غير قانوني وطالب بالإفراج الفوري عنه. كما أعرب مقررو الأمم المتحدة في أبريل 2025 عن استيائهم الشديد من استمرار الرياض في تنفيذ أحكام الإعدام بحق قاصرين، لكن السلطات السعودية تجاهلت هذه التحذيرات الدولية.

تؤكد بيسان فقيه، مسؤولة حملات الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية، أن المحاكمة الجماعية التي سبقت إعدام فاضل لباد كانت "جائرة للغاية" وافتقرت لضمانات العدالة. وتعتبر أن هذه الحالات تبرز استمرارية انتهاك حقوق الإنسان في المملكة، خاصة مع تصاعد تنفيذ الإعدامات بالتزامن مع سعي السعودية لتعزيز صورتها الدولية.

الدعوات الدولية تتزايد لمراجعة أحكام الإعدام الجماعية- عربي21

يواجه الشقيق الثالث، محمد لباد، المصير نفسه رغم تسليمه نفسه للسلطات في سبتمبر 2017 استناداً إلى ما أعلنت عنه السعودية آنذاك من عفو يشمل من يبادر بتسليم نفسه. تثير هذه الحالة مخاوف واسعة حول مصير المعتقلين السياسيين الذين وثقوا وعود السلطات بالعفو، وتكشف عن خرق صارخ للتعهدات الرسمية.

يُعد جلال لباد القاصر الرابع عشر الذي يُعدم في السعودية منذ تولي الملك سلمان الحكم، وهو أول إعدام من هذا النوع منذ إعدام مصطفى الدرويش في يونيو 2021. هذا الرقم يكشف زيف وعود السلطات بإصلاح قوانين الأحداث، ويثبت استمرار انتهاك اتفاقية حقوق الطفل التي وقعت عليها المملكة.

تحذر المنظمات الحقوقية من أن حياة أكثر من ستين معتقلاً آخرين مهددة، من بينهم القاصرون عبد الله الدرازي ويوسف المناسف وحسن زكي الفرج وجواد قريريص. هؤلاء المعتقلون يواجهون ظروفاً مشابهة لما تعرض له جلال لباد من تعذيب ومحاكمات جائرة.

أشارت الناشطة الحقوقية دعاء دهيني إلى أن عدد الإعدامات المنفذة منذ مطلع عام 2025 وحده بلغ 260 إعداماً، مما يشكل مؤشراً خطيراً على تصعيد غير مسبوق لاستخدام عقوبة القتل كأداة ترهيب سياسي وقمع اجتماعي. هذا الرقم المرتفع يتناقض بشكل صارخ مع جهود المملكة المعلنة لتحسين صورتها الدولية.

تستمر الدعوات الدولية لمراجعة أحكام الإعدام الجماعية وضمان المحاكمات العادلة، مع التركيز على حماية الحقوق الأساسية للمعتقلين وتوفير ضمانات عدم استهداف القاصرين. لكن مأساة عائلة لباد تظل شاهداً على الفجوة الواسعة بين الالتزامات الدولية والممارسات الفعلية في نظام العدالة السعودي.

شارك الخبر