تواجه 16 محافظة يمنية أخطر منخفض جوي في التاريخ الحديث، حيث حذرت الأرصاد الجوية من استمرار هذه الحالة الاستثنائية لـ72 ساعة إضافية، مع توقعات بأمطار غزيرة وسيول جارفة تهدد المناطق المدنية والأراضي الزراعية.
وأطلق مركز التنبؤات الجوية والإنذار المبكر في الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تحذيراً عاجلاً يشمل العاصمة المؤقتة عدن وحضرموت والبيضاء وشبوة ومأرب والجوف والمهرة وأرخبيل سقطرى والعاصمة صنعاء وعمران وحجة والحديدة وإب ولحج وتعز.
كارثة عدن بلا سابقة
شهدت العاصمة المؤقتة عدن أسوأ فيضانات في تاريخها، حيث غرقت الأحياء السكنية والجسور والأنفاق لأول مرة، وفقاً للتقارير الميدانية. اجتاحت السيول شوارع مديريات كريتر والمعلا والتواهي، جارفة السيارات ومغرقة منازل في منطقة العيدروس.
وتسببت الأمطار الغزيرة في إغلاق الجسر الرابط بين خور مكسر والمنصورة، بينما اضطر مطار عدن الدولي لتعليق بعض الرحلات الجوية. وجه محافظ عدن أحمد حامد لملس فرق الطوارئ للتدخل الفوري، بينما قام مدير عام مديرية التواهي وجدي علوان الشعبي بجولات تفقدية لمتابعة عمليات شفط المياه المتكدسة.
تمكنت فرق الطوارئ من تشغيل مضخات الصرف الصحي في أحياء التواهي، مع تكثيف أعمال الشفط على مدار الساعة. شارك في الجهود الميدانية فرق من مكتب الأشغال وصندوق النظافة واللجان المجتمعية والأجهزة الأمنية بالمديرية.
حضرموت تحت الحصار المائي
وصل محافظ حضرموت مبخوت مبارك بن ماضي إلى سيئون لتفقد الأضرار التي خلفتها السيول في مديريات دوعن ووادي العين حورة والقطن وشبام وسيئون. تجاوز المحافظ خلال رحلته الميدانية سيول وادي غبر والعقّاد وشبام ووادي بن علي، مؤكداً على سرعة فتح الطرقات.
في مدينة المكلا، تسببت الأمطار المصحوبة برياح قوية في قطع طرق رئيسية وحصار أحياء سكنية، مما أجبر الأهالي على البقاء في منازلهم. أكد المحافظ على أهمية التنسيق بين الجهات الحكومية وضرورة رفع حالة الجاهزية واتخاذ المزيد من الإجراءات الاحترازية.
أرقام مذهلة تكشف حجم الكارثة
كشفت البيانات الأولية عن معدلات هطول أمطار قياسية تجاوزت 50 ملليمتر خلال ساعات قليلة، وهو رقم استثنائي لمناطق عادة ما توصف بالجافة. حذرت الأمم المتحدة من تهديد أكثر من 114 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في أحواض سردود وسهام وزبيد، مما قد يؤثر سلباً على الأمن الغذائي.
تشير النماذج العددية لخرائط الطقس إلى استمرار التقلبات الجوية الحادة، حيث ستواجه المناطق الصحراوية والهضبية طقساً حاراً إلى شديد الحرارة تتراوح درجاته بين 38 و45 درجة مئوية، مع رياح معتدلة إلى نشطة تعمل على إثارة الأتربة والغبار.
أضرار تمتد عبر الشمال والجنوب
شهدت العاصمة صنعاء موجة أمطار غزيرة أدت إلى سيول وتجمعات مائية أعاقت حركة المرور وتسببت بأضرار في منازل المواطنين والطرق الرئيسية والفرعية. تحدثت تقارير إعلامية عن انهيار منازل في صنعاء القديمة.
امتدت الأمطار لتشمل محافظات عمران وحجة والحديدة، حيث سالت الوديان وتدفقت السيول في مناطق متفرقة، بينما سجلت مديريات في محافظة إب أضراراً مادية محدودة. في محافظة لحج، سُجل انهيار أهم الجسور في منطقة العرائيس، كما وقعت حالة وفاة جراء جرف السيول لسيارات بينها شاحنة محملة بالقات.
تحذيرات رسمية وإجراءات عاجلة
أصدر مركز التنبؤات الجوية نشرة تحذيرية لمدة 3 أيام، متوقعاً هطول أمطار رعدية غزيرة مصحوبة بحبات البرد على طول المرتفعات والمنحدرات الغربية والجنوبية الغربية، من محافظة صعدة شمالاً حتى محافظات الضالع وتعز ولحج جنوباً.
تابع رئيس مجلس الوزراء سالم صالح بن بريك الجهود المبذولة للتعامل مع تداعيات هذا المنخفض الجوي الاستثنائي، حيث أجرى اتصالاً هاتفياً مع محافظ عدن للاطلاع على الأوضاع الميدانية. وجه رئيس الوزراء بتكثيف الجهود الميدانية ومعالجة الاحتياجات العاجلة أولاً بأول، مع التركيز على الأضرار البشرية وضمان استمرار الخدمات الأساسية.
تحذيرات بحرية ونصائح سلامة
حذرت الأرصاد ربابنة السفن والصيادين من اضطراب شديد في البحر خاصة في سواحل أرخبيل سقطرى ومياه بحر العرب الإقليمية، مع توقعات بأمواج معتدلة الاضطراب على سواحل المهرة وحضرموت. كما حذرت من التيارات المائية الساحبة على سواحل شبوة وأبين وعدن ولحج.
وجه المركز تحذيراً شاملاً للمواطنين من التواجد في بطون الأودية ومجاري السيول، والسير في الطرق الطينية الزلقة، ومن الانهيارات الصخرية في المناطق المتوقع هطول أمطار عليها. كما حذر من الاقتراب من أعمدة الكهرباء واللوحات الإعلانية والأشجار، مع التشديد على ضرورة إغلاق الهواتف النقالة أثناء العواصف الرعدية.
ويرجع خبراء الأرصاد هذه الحالة الجوية الاستثنائية إلى موجة ضغط منخفض استوائي واسعة التأثير، وصفتها منظمة الأرصاد العالمية بـ"غير المسبوقة". دعت السلطات المحلية جميع المواطنين إلى الالتزام بالإرشادات الوقائية وتجنب المجازفة بالخروج أثناء الأمطار، والبقاء في أماكن آمنة حتى تحسن الأحوال الجوية.