الرئيسية / شؤون محلية / من راعي أغنام إلى امبراطورية بـ92 شركة: كيف استحوذ هائل سعيد أنعم على 35% من اقتصاد اليمن؟
من راعي أغنام إلى امبراطورية بـ92 شركة: كيف استحوذ هائل سعيد أنعم على 35% من اقتصاد اليمن؟

من راعي أغنام إلى امبراطورية بـ92 شركة: كيف استحوذ هائل سعيد أنعم على 35% من اقتصاد اليمن؟

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 14 سبتمبر 2025 الساعة 02:00 صباحاً

شهدت اليمن قصة نجاح استثنائية لرجل بدأ حياته راعياً للأغنام في قرية نائية، ليصبح أحد أقوى الملياردير في العالم العربي ويؤسس إمبراطورية تجارية من 92 شركة عملاقة. هائل سعيد أنعم، الذي ولد عام 1902 في قرية قرض بمحافظة تعز، استطاع بناء مجموعة تجارية تسيطر على 35% من الاقتصاد اليمني، وتقدر ثروته الشخصية بنحو 20 مليار دولار حسب تقديرات عام 2020.

نشأ هائل في عائلة بسيطة واكتسب تعليمه الأول من تحفيظ القرآن والقراءة والكتابة على أيدي فقهاء القرية، قبل ظهور التعليم النظامي. عمل في طفولته بمهنة رعي الأغنام، ثم تعلم الحياكة وأتقنها حتى أصبح يصنع ملابسه بيديه ويبيعها لأهالي قريته. هذه البدايات البسيطة أرست في شخصيته قيم الاعتماد على النفس والعمل الجاد.

كم تبلغ ثروة هائل سعيد أنعم

انطلقت رحلة الكفاح الحقيقية عندما سافر إلى عدن حيث جرب مهناً مختلفة قبل أن يقرر السفر إلى فرنسا. هناك عمل بحاراً لعدة سنوات، ثم انتقل للعمل في أحد المصانع الفرنسية، وهي التجربة التي غيرت نظرته للأعمال والتجارة. استلهم من البيئة الصناعية الأوروبية أفكاراً جديدة حول تطوير الأعمال والتوسع التجاري، مما شكل الأساس لرؤيته المستقبلية.

عاد هائل من فرنسا إلى الصومال للعمل في تجارة المواشي، مستفيداً من خبرته السابقة في هذا المجال، قبل أن ينتقل إلى عدن عام 1938. في حي المعلى تحت الحكم البريطاني، افتتح محلاً متواضعاً للأقمشة، لكن عقليته التجارية الثاقبة جعلته يدرك أن المواد الغذائية أكثر ربحية، فأضافها إلى محله الصغير. هذا القرار البسيط كان البذرة الأولى لإمبراطوريته التجارية.

شهد عام 1995 ولادة الاسم التجاري "هائل سعيد أنعم وشركاؤه" الذي أصبح علامة مميزة في عالم الأعمال. في 1962، أسس شركة الشرق الأوسط للملاحة المحدودة، تلتها عام 1969 الشركة اليمنية للصناعة والتجارة بعد انتقاله إلى تعز. هذا التوسع المدروس أرسى قواعد متينة لنمو المجموعة التجارية.

بدءاً من عام 1985، شهدت المجموعة توسعاً عالمياً مذهلاً، حيث افتتحت شركات في دول الخليج ومصر وأوروبا وبعض دول القرن الأفريقي. هذا التوسع الجغرافي الواسع عكس رؤية استراتيجية طموحة لبناء شبكة تجارية عابرة للقارات، تضم اليوم 92 شركة عملاقة موزعة في دول مختلفة من العالم.

لم تشغل الثروة هائل سعيد أنعم عن مسؤولياته الاجتماعية، فخصص جزءاً من أرباحه للأعمال الخيرية وإنشاء مدارس تحفيظ القرآن الكريم، وأوصى باستمرار هذه الأعمال بعد وفاته. توفي عام 1990 عن عمر ناهز 87 عاماً، تاركاً إرثاً تجارياً واجتماعياً ضخماً.

تشير الإحصائيات إلى أن مجموعة شركات هائل سعيد أنعم تشكل حوالي 35% من الاقتصاد الوطني اليمني حسب تقديرات عام 2007، مما يعكس التأثير الهائل لهذه الإمبراطورية التجارية على الاقتصاد المحلي. كما قُدرت ثروة الملياردير الراحل بحوالي 10 مليار دولار عام 2012، وارتفعت التقديرات إلى 20 مليار دولار عام 2020.

تُعتبر قصة هائل سعيد أنعم نموذجاً ملهماً لرواد الأعمال العرب، حيث تُجسد إمكانية تحقيق النجاح الاستثنائي انطلاقاً من أوضاع متواضعة، وتؤكد أن المثابرة والرؤية الاستراتيجية يمكن أن تحولا الأحلام إلى واقع ملموس. إرثه التجاري يواصل النمو والازدهار، ويبقى مصدر إلهام للأجيال الجديدة من رجال الأعمال في اليمن والعالم العربي.

اخر تحديث: 14 سبتمبر 2025 الساعة 04:10 صباحاً
شارك الخبر