الرئيسية / شباب ورياضة / لماذا يراهن الهلال على البليهي كحجر أساس في مواجهة تحديات الموسم الجديد؟
لماذا يراهن الهلال على البليهي كحجر أساس في مواجهة تحديات الموسم الجديد؟

لماذا يراهن الهلال على البليهي كحجر أساس في مواجهة تحديات الموسم الجديد؟

نشر: verified icon نايف القرشي 22 أغسطس 2025 الساعة 02:40 مساءاً

في عالم كرة القدم الحديث، حيث تتصارع الأندية للحصول على أفضل المواهب بعروض مالية مغرية، يقف نادي الهلال السعودي موقفاً يبدو مختلفاً للوهلة الأولى. رفض الإدارة الزرقاء السماح لمدافعها علي البليهي بالرحيل رغم العروض المالية الضخمة من أندية أوروبية، ليس مجرد قرار عاطفي أو تمسك بلاعب محلي، بل يعكس فلسفة إدارية ناضجة تضع الأهداف الرياضية الطويلة المدى فوق المكاسب المالية السريعة. هذا القرار يكشف عن رؤية استراتيجية واضحة لبناء مشروع رياضي مستدام، يجمع بين النجوم العالميين والمواهب المحلية المميزة في إطار تكتيكي متماسك.

التحدي: ضغوط الرحيل والإغراءات المالية

يواجه الهلال تحدياً حقيقياً في الحفاظ على نجومه المحليين وسط سوق انتقالات عالمية محمومة. العروض الأوروبية المغرية للبليهي تمثل إغراءً مالياً كبيراً للنادي، خاصة في ظل النظرة السائدة التي تعتبر بيع اللاعبين المحليين بمبالغ ضخمة مكسباً اقتصادياً سهلاً. هذا التحدي يتفاقم مع ضغوط الإعلام والجماهير التي قد تنتقد عدم الاستفادة من هذه العروض لتقوية مراكز أخرى في الفريق.

الضغط الأكبر يأتي من كون البليهي لاعباً أساسياً يصعب تعويضه، وأي خطأ في قرار بيعه قد يكلف النادي غالياً في المحافل المحلية والقارية. المدرب الإيطالي فابيو إنزاجي يدرك تماماً قيمة الاستقرار التكتيكي، خاصة مع لاعب تأقلم مع أسلوبه الفني ويفهم متطلبات المنظومة الدفاعية بشكل مثالي. هذا الإدراك يضع الإدارة أمام معادلة صعبة بين المكسب المالي الفوري والاستثمار في الاستقرار الرياضي.

الحل الاستراتيجي: الرؤية الطويلة المدى

قرار الهلال بالاحتفاظ بالبليهي يعكس فهماً عميقاً لطبيعة صناعة كرة القدم الحديثة، حيث النجاح لا يقاس فقط بالعوائد المالية قصيرة المدى، بل بالإنجازات الرياضية المستدامة. هذا التوجه يتماشى مع الاتجاهات العالمية في الاستثمار الرياضي، حيث تركز الأندية الكبرى على بناء مشاريع طويلة المدى تجمع بين الربحية والنجاح الرياضي. الاحتفاظ بالبليهي يؤكد على أن الهلال يتعامل مع كرة القدم كصناعة متكاملة، وليس مجرد نشاط تجاري سريع.

هذا القرار يندرج ضمن رؤية أوسع لتطوير النادي كمؤسسة رياضية عالمية، تستفيد من المزايا الاقتصادية والاجتماعية للاستثمار الرياضي المدروس. كما تشير الدراسات، فإن الاستثمار الرياضي الناجح يحقق مكاسب متعددة تشمل تحسين كفاءة الأندية الرياضية، وتنشيط قطاع الإعلام، والمساهمة في تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال الروابط الأمامية والخلفية للصناعة الرياضية.

المكاسب الفورية: الاستقرار التكتيكي والكيمياء الجماعية

الاحتفاظ بالبليهي يضمن للهلال استقراراً تكتيكياً حاسماً في موسم مليء بالتحديات المحلية والقارية. المدافع السعودي الذي تأقلم مع أسلوب إنزاجي يوفر للمدرب الإيطالي عنصراً يمكن الاعتماد عليه في المباريات الحاسمة، خاصة مع كثافة الجدول الزمني للمباريات. هذا الاستقرار لا يقتصر على الأداء الفني فحسب، بل يمتد إلى الكيمياء الجماعية داخل غرفة الملابس، حيث يلعب البليهي دوراً محورياً في ربط اللاعبين المحليين بالنجوم الأجانب.

من الناحية التكتيكية، يوفر البليهي للهلال مرونة في التشكيلات والخطط، نظراً لقدرته على اللعب في مراكز دفاعية متعددة وفهمه العميق لمتطلبات كل مركز. هذه المرونة تصبح أكثر أهمية في المباريات القارية، حيث تختلف أساليب اللعب والضغط النفسي عن المحافل المحلية. كما أن خبرته في اللعب ضد فرق عالمية تجعله عنصراً قيماً في التخطيط لمواجهة التحديات الكبيرة.

القوة التنافسية: بناء خط دفاعي مستقر

في ظل المنافسة الشرسة على البطولات المحلية والقارية، يحتاج الهلال إلى خط دفاعي مستقر يمكن الاعتماد عليه في اللحظات الحاسمة. البليهي، بخبرته وثباته، يشكل العمود الفقري لهذا الخط، ويوفر الأمان التكتيكي الذي يحتاجه إنزاجي لتطبيق خططه الهجومية بثقة أكبر. هذا الاستقرار الدفاعي يصبح أكثر أهمية عندما يواجه الفريق ضغوط المباريات المتتالية، حيث يحتاج المدرب إلى لاعبين يمكنهم تحمل الأعباء البدنية والنفسية.

المزايا التنافسية تمتد إلى الجانب النفسي أيضاً، حيث أن وجود مدافع محلي قوي ومحترم يعزز من ثقة باقي اللاعبين، ويرسل رسالة واضحة للمنافسين بأن الهلال يمتلك أساساً صلباً يصعب اختراقه. هذا البعد النفسي له تأثير كبير على نتائج المباريات، خاصة في اللقاءات المصيرية التي تحتاج إلى شخصيات قوية وثابتة.

الفرص المستقبلية: تطوير المواهب تحت قيادة إنزاجي

قرار الاحتفاظ بالبليهي يفتح المجال أمام استفادة أكبر من خبرات المدرب الإيطالي في تطوير المواهب المحلية. إنزاجي، بخلفيته الأوروبية الثرية، يمكنه صقل مهارات البليهي وتطوير جوانب جديدة في لعبه، مما يعود بالنفع على الفريق والمنتخب السعودي على حد سواء. هذا الاستثمار في التطوير المحلي يتماشى مع رؤية المملكة 2030 لتطوير الرياضة والاستثمار في المواهب المحلية.

الفرص المستقبلية تشمل أيضاً إمكانية أن يصبح البليهي نموذجاً يحتذى به للاعبين الشباب في النادي، مما يعزز من فلسفة الاستثمار في الأكاديميات والمواهب الناشئة. وجود لاعب محلي ناجح في الفريق الأول يشجع الجيل الجديد على الاجتهاد والتطوير، ويخلق بيئة تنافسية صحية داخل النادي. هذا التأثير الإيجابي على منظومة الشباب يمكن أن يحقق عوائد استثمارية طويلة المدى تفوق أي مبلغ مالي يمكن الحصول عليه من بيع البليهي.

الرد على النقاد: الاستثمار في الجودة التكتيكية

ينتقد البعض عدم استغلال الهلال للعروض المالية المغرية للبليهي، معتبرين ذلك فرصة ضائعة لتقوية مراكز أخرى في الفريق. لكن هذا النقد يتجاهل حقيقة مهمة وهي أن النجاح في كرة القدم الحديثة لا يعتمد فقط على جمع النجوم، بل على بناء منظومة متكاملة ومستقرة. الاستثمار في الاستقرار التكتيكي والكيمياء الجماعية أثبت نجاحه في أندية عالمية كبيرة، حيث تفضل الاحتفاظ بلاعبين أساسيين حتى لو كانت العروض مغرية.

الرد العملي على هذا النقد يأتي من خلال النتائج الميدانية التي سيحققها الفريق بفضل هذا الاستقرار. المكاسب السريعة من بيع اللاعبين قد تحقق أرباحاً مالية فورية، لكنها قد تكلف النادي غالياً في المدى الطويل إذا لم يجد البديل المناسب أو إذا تأثر الأداء الجماعي سلبياً. الأندية الناجحة عالمياً تدرك أن بعض اللاعبين لا يُقدرون بثمن، ليس لمهاراتهم الفردية فحسب، بل لدورهم في استقرار المنظومة ككل.

اخر تحديث: 24 أغسطس 2025 الساعة 09:05 مساءاً
شارك الخبر