أعلن مركز الإنذار المبكر بمحافظة حضرموت عن توجه موجة ثانية من المنخفض الجوي نحو 16 محافظة يمنية، وذلك عقب انتهاء تأثير الموجة الأولى التي خلفت سيولاً استثنائية لم تشهدها البلاد منذ عام 2008، مما يضع السلطات المحلية أمام تحدٍ مزدوج لمواجهة كارثة طبيعية واسعة النطاق.
وأكد المركز أن الأخدود الجوي الجديد سيمتد تأثيره حتى نهاية الأسبوع الجاري، مستهدفاً بشكل أساسي المحافظات الشرقية والوسطى، بعد أن اكتسحت الموجة الأولى العاصمة المؤقتة عدن وخلفت إصابتين وأضراراً مادية واسعة النطاق. وتشمل المناطق المعرضة للخطر مديريات غيل بن يمين والسوم وساه وأرياف المكلا وحجر ودوعن وعمد والضليعة يبعث ورخية ووادي العين حورة ومنطقة لبنه بارشيد، إضافة إلى قرى جنوبية في وادي حضرموت.
وفي استجابة عاجلة للأزمة المتنامية، نفذ محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي جولة ميدانية شملت متابعة جاهزية لجنة الطوارئ وخور المكلا لاستيعاب أي تدفق محتمل للسيول من مناطق ملعب بارادم وجولة الكتاب. بينما أعلنت السلطات في محافظة المهرة حالة الاستنفار القصوى تحسباً للتداعيات المحتملة، محذرة السكان من الاقتراب من مجاري الأودية والشعاب.
وتكشف التقارير الواردة من مناطق مختلفة حجم الدمار الذي خلفته الموجة الأولى، حيث شهدت مناطق واسعة من حضرموت سيولاً جارفة حاصرت القرى والمنازل في مناطق عرض بن مخاشن بمديرية حوره ووادي العين، مما أجبر عشرات الأسر على النزوح إلى مناطق أكثر أماناً. وقطعت السيول الطرق الرئيسية الرابطة بين الساحل والوادي، خصوصاً خط وادي العين من جهة الغرب وساه وغيل بن يمين من جهة الشرق.
وفي محافظة شبوة، تابع المحافظ عوض بن الوزير تطورات المنخفض الجوي الذي رافقته أمطار غزيرة وتدفق للسيول في عدة مديريات، موجهاً السلطات المحلية إلى تقييم الوضع بدقة ورصد الأضرار المحتملة. وأكد أنه لم يتم الإبلاغ عن أضرار مباشرة حتى الآن، لكن أعمال المتابعة والتقييم الميداني تتواصل على مدار الساعة.
وتسببت الموجة الأولى في أضرار جسيمة بالقطاع الزراعي، حيث أطلقت جمعية العربدي التعاونية الزراعية بمديرية طور الباحة في لحج نداء استغاثة عاجلاً، محذرة من كارثة حقيقية تهدد استمرار القطاع الزراعي. وأوضحت الجمعية أن السيول القادمة من تعز طمست عدداً من الآبار الحيوية وألحقت أضراراً بمنظومات الطاقة الشمسية الخاصة بالري، إضافة إلى جرف مساحات كبيرة من الأراضي الخصبة.
كما شهدت أودية مركز وادي بن سعد شرق مديرية أحور بمحافظة أبين سيولاً جارفة أدت إلى جرف سيارة محملة بمواد غذائية وعلى متنها أسرة مكونة من عشرة أشخاص، تمكنوا من النجاة بعد لجوئهم إلى الجبال القريبة فيما جرفت السيول كامل محتويات السيارة.
وفي العاصمة المؤقتة عدن، تسببت الأمطار الغزيرة في إغلاق شوارع رئيسية في مديريات التواهي والمعلا وصيرة، حيث توقفت حركة المرور نتيجة ركود المياه وتكدس المخلفات. ونفذ محافظ عدن أحمد لملس نزولاً ميدانياً إلى المواقع المتضررة، موجهاً بفتح المنافذ والمناهل لتصريف المياه وإزالة المخلفات ورفع وتيرة الاستجابة.
وحذرت مصادر صحية من المشكلات البيئية والصحية التي قد تنجم عن ركود مياه السيول، واصفة الوضع بـ"الكارثي" ودعت إلى سرعة تصريف المياه والتخلص من المخلفات. وأكدت السلطات المحلية أنها ستتابع الأوضاع حتى تجاوز آثار المنخفض الجوي ومعالجة أضراره البيئية والصحية، وسط استمرار التحذيرات من مخاطر التدفق المفاجئ للسيول في الأودية والشعاب.