شهد الريال اليمني خلال الأربعة الأيام الماضية تحسناً غير مسبوق بنسبة تصل إلى 50%، أثار جدلاً وتساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذا الانتعاش السريع. بدأ التحسن مع نهاية يوليو واستمر حتى بداية أغسطس 2025، ليتراجع سعر الريال السعودي مقابل الريال اليمني من 780 ريالاً إلى 420 ريالاً، محققًا نسبة انخفاض بلغت 45% مقابل الدولار.
تحسُّن الريال اليمني جاء مفاجئًا ودون إعلان عن أي سياسات نقدية جديدة أو ضخ مالي خارجي، ما أدى إلى شكوك حول مدى استمرارية هذا الوضع. أرجعت بعض الآراء الاقتصادية التحسن إلى حملات رقابية على محلات الصرافة في عدن، مع إيقاف التعامل مع بعض البنوك المتهمة بالمضاربة بالعملة، ومع ذلك، يدفع هذا التفسير بحد ذاته لتساؤل: هل تكفي هذه الإجراءات وحدها لإحداث تحسن بهذه السرعة؟
تُشير آراء خبراء الاقتصاد إلى أن هذه التحركات في سعر الصرف تبدو نتيجة تفاعلات سياسية أكثر من كونها إصلاحات اقتصادية جوهرية. وأكد د. محمد جمال الشعيبي، أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة عدن، أن التحسن السريع للريال لا يعكس بالضرورة تغييراً في الهيكل الاقتصادي، ملقياً الضوء على غياب خطوات اقتصادية شاملة مثل زيادة تدفقات العملة الصعبة أو تحسين صادرات البلاد.
رغم التفاؤل النسبي الذي قد يولده هذا التحسن المؤقت في الشارع اليمني، إلا أن القطاع الخاص يعبر عن قلقه بوضوح. مجموعة هائل سعيد أنعم، كبرى الشركات العاملة في اليمن، حذرت من خطورة استمرار الأسعار غير الواقعية دون توفير الدولار بالسعر المعتمد للمستوردين، مما يهدد بجعل القفزة الأخيرة في قيمة العملة غير مستدامة.
وفي ظل ما تقدم، يرى خبراء أن استدامة التحسن تتطلب تحركاً سريعاً نحو دعم البنك المركزي بخطط واضحة للتعامل مع السوق النقدي، وزيادة المعروض من العملات الأجنبية عبر صادرات النفط أو الدعم الخارجي. إضافة إلى ذلك، يبقى تحسين المناخ الاستثماري ومعالجة ملفات الفساد والإيرادات التحدي الأهم لضمان استقرار العملة على المدى البعيد.
من جانبه، حذر مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، من عواقب الإغفال عن معالجة الأسباب الجذرية للتدهور السابق قائلاً إن غياب السياسات الشفافة يعكر ثقة السوق ويترك المجال مفتوحًا للمضاربات. هذا، فيما تظل السوق المحلية بخيراتها، تنتظر الخطوات الحكومية التالية لتحقيق إصلاح حقيقي وتنظيم نقدي مستدام.