في خطوة مفاجئة أثارت قلقًا واسعًا وصدمة في الأوساط التجارية بصنعاء، أطلقت جماعة الحوثي تهديدات بحظر شامل للبضائع الأمريكية في الأسواق اليمنية.
ويأتي هذا القرار في وقت تزخر فيه متاجر الهواتف المحمولة بالأجهزة الأمريكية التي تشكل العمود الفقري لتجارة الإلكترونيات في البلاد.
وبينما حدد الحوثيون مهلة للتجار للتخلص من مخزونهم الحالي، يتساءل المراقبون عن تداعيات هذا التحرك على اقتصاد يعاني أصلًا من أزمات متعددة.
ردود فعل التجار والمواطنين على حظر البضائع الأمريكية:
عبر تجار صنعاء عن غضبهم واستيائهم الشديد من تهديدات الحوثيين بحظر البضائع الأمريكية.
حيث أشار العديد منهم، خلال أحاديث متفرقة، إلى أن هذا الإجراء يمثل "كارثة" حقيقية ستلحق بهم خسائر فادحة.
ويروي أحد أصحاب محلات الهواتف كيف أنه استثمر مدخراته في استيراد أجهزة من الولايات المتحدة، ليجد نفسه الآن أمام خيار التخلص منها بخسارة أو مواجهة خطر المصادرة.
من جانبهم، أبدى المواطنون في صنعاء تخوفًا ملحوظًا من تبعات هذا القرار على حياتهم اليومية.
ونقلت مصادر محلية عن سكان المدينة قلقهم من أن تؤدي هذه الخطوة إلى "قطع أرزاق الناس" في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة أصلاً.
وعبر بعضهم عن استنكارهم لتوقيت القرار الذي يأتي وسط أزمة معيشية خانقة تضرب مختلف مناطق اليمن.
اعتماد الأسواق اليمنية على المنتجات الأمريكية:
تكشف جولة في أسواق صنعاء حجم الاعتماد الكبير على المنتجات الأمريكية، خاصة في قطاعات حيوية كالهواتف المحمولة والسيارات.
وقد أكد تجار في العاصمة أن الغالبية العظمى من الهواتف المعروضة للبيع هي من إنتاج شركات أمريكية أو واردة منها، وبالمثل فإن نسبة كبيرة من السيارات المستخدمة في اليمن مستوردة من الولايات المتحدة.
وقد لفت أحد المختصين في سوق الإلكترونيات إلى أن البدائل المتاحة لا تلبي احتياجات المستهلكين من حيث الجودة والسعر، مما يجعل الاستغناء عن المنتجات الأمريكية أمرًا صعب التحقيق في المدى القريب.
التداعيات الاقتصادية المحتملة لحظر البضائع:
تشير التقديرات الأولية إلى أن تنفيذ قرار حظر البضائع الأمريكية سيترك آثارًا اقتصادية وخيمة على السوق اليمنية.
وقد حذر خبراء اقتصاديون من احتمالية ارتفاع أسعار السلع البديلة وظهور سوق سوداء للمنتجات الأمريكية التي سيتزايد الطلب عليها.
كما أن القرار قد يؤدي إلى إغلاق العديد من المحلات التجارية التي تعتمد بشكل أساسي على بيع هذه البضائع، وبالتالي زيادة معدلات البطالة في بلد يعاني أصلاً من ارتفاعها.
ولفت محللون إلى أن الأسر اليمنية ستكون الأكثر تضررًا من هذه السياسة، حيث ستواجه صعوبة في الحصول على بعض السلع الضرورية أو ستضطر لشرائها بأسعار مضاعفة.
يضع تهديد الحوثيين بحظر البضائع الأمريكية الاقتصاد اليمني المنهك أمام تحدٍ جديد، في وقت تتفاقم فيه الأزمات المعيشية.
ويبقى السؤال الأهم هو مدى قدرة السوق المحلية على التكيف مع هذا الواقع الجديد، وما إذا كان الحوثيون سيمضون في تنفيذ تهديداتهم أم سيتراجعون أمام المخاوف الاقتصادية والاجتماعية.
ولعل الأيام القادمة ستكشف عن مسارات جديدة لهذه الأزمة التي تلقي بظلالها على حياة اليمنيين.