وسط أجواء السوق المزدحمة في عدن، يتنقل المواطنون بين أكوام الخضروات والفواكه المتراصة على بسطات الباعة، يتفحصون الأسعار ويقارنون بين البضائع المعروضة.
وشهدت أسواق العاصمة المؤقتة عدن اليوم الثلاثاء 15 أبريل 2025 حالة من الاستقرار النسبي في أسعار بعض السلع الغذائية الأساسية، مع ارتفاع ملحوظ في أسعار سلع أخرى.
ويأتي هذا الاستقرار النسبي في ظل تقلبات اقتصادية حادة تعيشها البلاد، ما يجعل المواطن اليمني في حيرة من أمره بين متطلبات الحياة اليومية والقدرة الشرائية المحدودة.
استقرار الأسعار في سوق الخضروات والفواكه
تجولت صباح اليوم في أسواق عدن لاستطلاع أسعار الخضروات والفواكه التي شهدت استقراراً نسبياً مقارنة بالأسابيع الماضية.
وفقاً للمشاهدات الميدانية، استقر سعر كيلوغرام البطاطس عند 2000 ريال، بينما بقي سعر كيلو الطماطم عند 500 ريال، وهو ما يعتبر سعراً معقولاً نسبياً مقارنة بالفترات السابقة.
كما حافظ البصل على سعره الذي بلغ 500 ريال للكيلوغرام الواحد، الأمر الذي أثار ارتياح ربات البيوت اللواتي يعتبرن هذه المواد أساسية في المطبخ اليمني.
يقول أحد الباعة في سوق الخضروات بعدن: "الأسعار متذبذبة لكن هذا الأسبوع شهدنا استقراراً نسبياً في بعض الأصناف". وأشار إلى أن هذا الاستقرار يعود جزئياً إلى توفر كميات كافية من الخضروات في الأسواق وانتظام عمليات الاستيراد.
ومع ذلك، تظل هذه الأسعار مرتفعة نسبياً مقارنة بالدخل المحدود لغالبية سكان عدن، خاصة مع ارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم المستمر الذي تشهده البلاد.
الزيادات في بعض السلع وتأثيرها:
رغم الاستقرار النسبي لبعض أسعار الخضروات والفواكه، إلا أن أسعار سلع أخرى شهدت ارتفاعات ملحوظة أثرت بشكل كبير على المواطنين.
وفي هذا السياق، سجل الليمون قفزة كبيرة في الأسعار ليصل إلى 3000 ريال للكيلوغرام الواحد، وهو ما يمثل عبئاً إضافياً على الأسر ذات الدخل المحدود.
كما ارتفع سعر البسباس (الفلفل الحار) بشكل مفاجئ ليصل إلى 3000 ريال للكيلوغرام، مما أثار استياء المواطنين الذين يعتبرونه من التوابل الأساسية في المطبخ اليمني.
وفي ذات السياق، استقر سعر الجزر عند 2000 ريال للكيلوغرام، وهو ما يعتبر سعراً مرتفعاً نسبياً مقارنة بالأشهر السابقة.
تروي أم محمد، ربة منزل من سكان مديرية المنصورة بعدن، معاناتها قائلة: "لم يعد بإمكاننا شراء الليمون كما كنا سابقاً، أصبح كأنه من الكماليات وليس من الضروريات".
وتضيف بحسرة: "نضطر للاختيار بين شراء البسباس أو الليمون، لا نستطيع شراء كليهما معاً كما كنا نفعل سابقاً". هذه المعاناة تعكس واقع معظم الأسر في عدن، حيث أصبحت أولويات الشراء تخضع لحسابات دقيقة في ظل محدودية الدخل وارتفاع الأسعار.
يشير الخبراء الاقتصاديون إلى أن هذه الزيادات في الأسعار تعود إلى مجموعة من العوامل المتشابكة، بما في ذلك تدهور قيمة العملة المحلية، وارتفاع تكاليف النقل والشحن، إضافة إلى التحديات الأمنية التي تؤثر على حركة البضائع بين المحافظات.
وقد صرح الدكتور سمير الحكيمي، أستاذ الاقتصاد في جامعة عدن، بأن "استمرار التقلبات في أسعار المواد الغذائية يؤثر سلباً على الأمن الغذائي للأسر اليمنية، خاصة وأن نسبة كبيرة من السكان تعيش تحت خط الفقر". ويضيف أن "الحلول تكمن في تعزيز الإنتاج المحلي ودعم المزارعين لتقليل الاعتماد على الاستيراد".
التغلب على التحديات الاقتصادية
في مواجهة التحديات الاقتصادية وتقلبات الأسعار، لجأ بعض سكان عدن إلى حلول بديلة للتكيف مع الوضع الراهن.
وعلى سبيل المثال، بدأت بعض الأسر بزراعة بعض الخضروات في المنازل أو في مساحات صغيرة قرب مساكنهم. تقول فاطمة، إحدى سكان حي كريتر: "بدأنا بزراعة بعض الخضروات البسيطة مثل البقدونس والكزبرة في أصص على سطح المنزل، وهذا يوفر علينا بعض المصاريف".
هذه المبادرات الفردية، رغم محدوديتها، تعكس روح التأقلم والصمود لدى المواطنين في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل بعض المنظمات المحلية والدولية على تقديم المساعدات الغذائية للأسر الأكثر احتياجاً في عدن والمناطق المجاورة.
وقد أفادت مصادر في منظمات الإغاثة العاملة في عدن بأن "برامج المساعدات الغذائية تستهدف حالياً نحو 30% من سكان المدينة، لكن الحاجة أكبر من ذلك بكثير".
وبدوره، يرى عبد الله ناصر، وهو تاجر في سوق الخضار المركزي بعدن، أن "استقرار الأسعار مرتبط باستقرار الوضع السياسي والأمني في البلاد"، مضيفاً أن "التجار يواجهون صعوبات كبيرة في توفير البضائع بأسعار معقولة في ظل ارتفاع تكاليف النقل والتخزين".