في خضم جدل واسع أثارته شحنة دقيق مصرية فاسدة، تقدر بحوالي 5000 طن، رفض ميناء الحديدة استقبالها بسبب تلفها وتسوسها، لتتحول لاحقًا إلى ميناء عدن. هذه الحادثة أثارت تساؤلات عميقة حول الرقابة على الواردات الغذائية، والمخاطر الصحية والاقتصادية المرتبطة بها، وسط مخاوف من تأثيرها على صحة المواطنين. بدأت القصة حين وصلت شحنة الدقيق المصري ونشا الذرة إلى ميناء الحديدة، حيث رفضت السلطات هناك استقبالها بسبب حالتها المتدهورة وعدم صلاحيتها للاستهلاك البشري. الشحنة، التي تحمل تاريخ إنتاج نوفمبر 2024، كانت قد تعرضت للتسوس واختلطت بالمياه خلال رحلتها الطويلة في البحر الأحمر، ما أثار الشكوك حول سبب بقائها في البحر لأكثر من أربعة أشهر. بعد رفضها في الحديدة، حاول التاجر المسؤول تصريف الشحنة في جيبوتي، إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل. وبدلاً من التخلص منها بشكل آمن، تم تحويل مسار الشحنة إلى ميناء عدن، حيث بدأت محاولات لإدخالها إلى الأسواق المحلية. هذه المحاولات تضمنت ضغوطًا على هيئة المواصفات والمقاييس للسماح بدخولها، رغم التقارير التي أكدت عدم صلاحيتها. الشحنة تضمنت كميات كبيرة من أكياس الدقيق بأوزان مختلفة، حيث شملت 2500 طن من أكياس وزن 50 كجم، و500 طن من أكياس وزن 25 كجم، بالإضافة إلى 1600 طن إضافية من الدقيق وزن 50 كجم، و400 طن وزن 25 كجم. كل هذه الكميات كانت في حالة سيئة، مما يجعلها غير صالحة للاستهلاك الآدمي. مع وصول الشحنة إلى ميناء عدن، بدأت السلطات المحلية باتخاذ خطوات رسمية للتحقيق في الأمر. نيابة الصناعة والتجارة فتحت محضر ضبط رسمي، حيث تم إجراء معاينة وفحص للشحنة بمشاركة خبراء من هيئة المقاييس والمواصفات، وإدارة الجمارك، وإدارة حماية المستهلك. النتائج أكدت وجود علامات تسوس واضحة وتكتل في أكياس الدقيق، مما يعزز التقارير الأولية عن فساد الشحنة. التحقيقات الرسمية أثارت مخاوف كبيرة بين المواطنين، الذين طالبوا بتوضيح كيفية وصول الشحنة إلى عدن رغم حالتها المتدهورة. تساؤلات كثيرة طُرحت حول الإجراءات المتخذة لضمان سلامة الأسواق، وسط اتهامات لبعض المسؤولين في الميناء بالتواطؤ مع التجار للسماح بدخول الشحنة. من جهة أخرى، أكدت مصادر مطلعة أن هذه ليست المرة الأولى التي يشهد فيها ميناء عدن دخول شحنات فاسدة. شحنات سابقة من الأدوية والوقود غير الصالح للاستخدام دخلت إلى الميناء، مما يعزز الاتهامات بوجود فساد إداري متجذر. هذه الحوادث السابقة تزيد من الضغط على السلطات لإثبات جديتها في التصدي لهذه الكوارث. في ظل هذه التطورات، دعا العديد من المواطنين والناشطين إلى فتح تحقيق شفاف ومحاسبة كل من يثبت تورطه في هذه القضية، سواء من المسؤولين أو التجار. المطالبات ركزت أيضًا على تعزيز الرقابة على الواردات الغذائية لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل. الحادثة الأخيرة ليست سوى جزء من سلسلة من الفضائح التي ارتبطت بميناء عدن في السنوات الأخيرة. في عام 2023، شهد الميناء دخول شحنة من الأدوية التالفة بسبب سوء التخزين وغياب التبريد أثناء الشحن، مما عرض حياة آلاف المرضى للخطر. هذه الحادثة أثارت جدلاً واسعاً حول آليات الرقابة ومدى كفاءتها. كما أن شحنات الوقود الرديء التي دخلت إلى الميناء ساهمت في تفاقم أزمة الكهرباء في المدينة. أبرز هذه الحوادث كانت شحنة ديزل تابعة لبرنامج الغذاء العالمي، والتي رفضت في ميناء المكلا وتم تحويلها إلى عدن، ما أثار استياءً واسعاً بين المواطنين. المواطنون يشعرون بالقلق من أن تكون هذه الحوادث نتيجة فساد إداري متجذر، حيث يتهم البعض مسؤولين في الميناء بالتواطؤ مع تجار معدومي الضمير لتسهيل دخول السلع الفاسدة. هذه الاتهامات تتطلب تحقيقاً شفافاً للوقوف على الحقيقة ومحاسبة المتورطين. في ظل هذه المخاوف، تتزايد الدعوات لتعزيز الرقابة على الواردات الغذائية، مع التركيز على تطبيق معايير صارمة لضمان سلامة المنتجات قبل دخولها إلى الأسواق. هذه الإجراءات تعتبر ضرورية لحماية صحة المواطنين والحفاظ على استقرار الأسواق المحلية. ويبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن السلطات من اتخاذ إجراءات حاسمة لمنع دخول الشحنة الفاسدة إلى الأسواق؟ أم أن النفوذ التجاري سيحسم الأمر كما حدث في قضايا سابقة؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مدى جدية السلطات في التعامل مع هذه القضية الحساسة. القضية تضع السلطات أمام اختبار حقيقي لمدى التزامها بحماية صحة المواطنين وضمان سلامة الأسواق. المطالبات بفتح تحقيق شفاف ومحاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة تتزايد، مع دعوات لاتخاذ إجراءات صارمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل. ولكن يبقى التحدي الأكبر هو التغلب على النفوذ التجاري وضمان تطبيق القانون دون تمييز. يمكننا القول في ختام هذا التقرير، أن هذه الحادثة ستظل تذكر بأهمية تعزيز الرقابة على الواردات الغذائية، وضمان تطبيق معايير الجودة بشكل صارم. المواطنون يترقبون بشغف نتائج التحقيقات، على أمل أن تكون هذه القضية نقطة تحول نحو تحسين آليات الرقابة ومكافحة الفساد الإداري. ويبقى الأمل قائماً في أن تتخذ السلطات الإجراءات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث، وحماية الأسواق المحلية من أي تهديدات صحية أو اقتصادية قد تنجم عن دخول السلع الفاسدة.تفاصيل الشحنة ومسارها
قد يعجبك أيضا :
ردود الفعل والإجراءات الرسمية
قد يعجبك أيضا :
مخاوف من تكرار الحوادث السابقة
الرئيسية
/
شؤون محلية
/
تفاصيل شحنة الدقيق المصري الفاسد: ما مصير 5000 طن من الدقيق المتسوس رفضتها الحديدة وتحولت إلى عدن؟

تفاصيل شحنة الدقيق المصري الفاسد: ما مصير 5000 طن من الدقيق المتسوس رفضتها الحديدة وتحولت إلى عدن؟
اخر تحديث:
25 فبراير 2025
الساعة
07:40
صباحاً