الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٣٥ صباحاً

من رحم الربيع العربي

الشرجبي معتصم
الثلاثاء ، ١٥ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
لا يكاد يختلف اثنين بأن التشظي الذي فرض علينا في الحقبة الماضية من الزمن بفعل القوى الاستعمارية التي استغلت مرحلة الضعف الذي كانت تعيشه المنطقة العربية والإسلامية بمختلف شرائحها, خصوصاً بعد انهيار الدولة العثمانية في العام 1924, نتيجة الكثير من الخلافات والمهاترات التي استطاع الراديكاليين من قوى الغرب التسلل من خلالها واستثمارها لخدمة رغباتهم التوسعية والاستعمارية التي لا تعرف إلا منطق الـ ( أنا ) حتى على ساب البشر ومعاناتهم , ولًد الكثير من المشاريع التي كانت ترمي بالدرجة الأولى إلى لرأب الصدع العربي والإسلامي, في طريق مواجهة هذا المستعمر ورفع تلكم المعاناة, فكان منها ما هو مستورداً من تجارب وأفكار الآخرين ( كالاشتراكية ) وأخرى ذاتية المنشأ (كالقومية)‏, ومنها ما عاد بالتفكير في عصور الزهو التي عاشتها المنطقة العربية والإسلامي, فوجد أن الإسلام هو الحل ( كالإسلاميين).

اتفقوا جميعاً حول الهدف , ولكنهم اختلفوا في الطريق الموصلة إليه , أدركوا بأن في الاتحاد القوة , ولكن كل فصيل آثر التقوقع حول فكرته فاتحاً جناحيه للتقارب والتوحد مع من يؤمن بنفس توجهه فحسب .ونتيجة للبيئة العدائية والمـأزومة التي فرضت نفسها في ذلكم الحين ذهب كل فريق للتمترس وراء ما يؤمن به معلناً العداء لمن خالفه ,حتى ولو كان الخلاف جزئياً.

انتشر الأفكار والتوجهات وتوسعت , واتسع معها التباين والخلاف , وجدت بعض التوجهات طريقها إلى الحكم , فحكم الأشخاص ولم تحكم القيم , نشأت اتحادات ولكنها سرعان ما تلاشت تحت وطأة المطامع الذاتية , حتى تحولت الأفكار إلى كيانات حافظت على كينونتها ولكنها لم تحافظ على قيمها التي كانت تتغنى بها, واستمرت المعاناة , تغلبت الـ (أنا )مرة أخرى على( نحن ) ولكن بثوب جديد وأقنعة وأدوات أخرى هذه المرة .

طالت المدة وطال معها انتظار الحل عندها أيقنت الشعوب أنها تعيش وطأة استعمار داخلي له جذوره الخارجية , فانتفضت متناسيتاً كل خلافاتها التاريخية عندما تجلت لها حقيقة كانت مصطنعة لكبح جِماح تطلعها, لتعلن عن ميلاد عهد جديد تعود في الأمور إلى نصابها , والمياه إلى مجاريها, ويحفظ كرامة الإنسان العربي المسلم التي تاهت عنه منذ زمن .

نعم إنه الربيع العربي, ربيع تخلقت في رحمه كل مناهج الحياة الكريمة, وأشرقت من جنباته ملامح المستقبل العربي والإسلامي المنشود, والطرق الموصلة إليه , طريق تلاقت حوله كل الرؤى واتفقت عليه كل التوجهات, ولكن السؤال الذي يطرح نفسه, هل سيسمح لهذا العملاق أن يرى النور ؟؟ وهل سيخرج إلى فضاء أمتنا دون جزء مبتور ؟؟ .

إنها دعوة شبابية أوجهها إلى كل ذي قلب , وكل ذي فكر في هذا الوطن الكبير, إن مولودَكم الذي سالت في سبيل ولادته الدماء , وصرخت لألام مخاضه كل الأحياء لا يزال أعشى , ولم يبلغ الفطام بعد , فهل لكم أن تعينوه على البقاء, بتكاتفكم ونبذ أسباب فرقتكم؟؟ والاستفادة من أخطاء ماضيكم؟؟ ألم يحن الوقت الذي تجتمعون فيه تحت مظلة واحدة تتسع للجميع تحفظكم وتحفظ معكم مولودَكم, من لهيب التأمرات التي تحيط بكم ؟؟ فالفرصة مواتية, والخلاف أضحى هشاً ولا ينتظر منكم سِوى خطوة إلى الأمام , لتكونوا وتكون الأمة جمعا قادرة على مواجهة التحديات التأمرات التي تريد النيل منها ومن مولودها , وإلا فسمحوا لي أن أقول لكم.. لن تكونوا أكثر من نسخة مكررة من ماضيٍ حالك لا زلتم تعانون وطأته حتى اليوم, والخيار لكم