الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٥٤ صباحاً

الصارخون من وراء الحدود !

د.عبد الوهاب الديلمي
السبت ، ٢٠ ديسمبر ٢٠١٤ الساعة ١٠:٥٠ صباحاً
لانتقاء في النصح، ووضعه في غير مكانه، ولزوم الصمت عن الباطل وأهله، الذين خذلوا إخوانهم عند الحاجة إليهم، ثم ردّوا اللوم عليهم دون خجل، الذين لا يجيدون سوى النقد والكلام، وهم قابعون في زوايا البيوت، الذين يريدون أن يموت غيرهم لتصفو لهم الحياة.

الذين ينتقدون الحزبية، ويطعنون فيها بالغثائية والبدعية، فإذا حان وقت الصراع، أرادوها أن تقدم نفسها فِداءً لهم وتضحية من أجل سواد عيونهم.

وإذا تكون كريهة أُدعى لها *** وإذا يحاس الحيس يدعى جندب
الذين يعيبون على قوم مواقفهم السلبية –حسب زعمهم- ولا يعيبون على الحكام تصرفاتهم الخاطئة: من دعم الذين يستحلون الدماء والأعراض والأموال، ويزجون بالأبرياء في السجون، ويذيقونهم أبشع أنواع التعذيب.

ماذا صنع الحكام ومَن حولهم ومَن وراءهم والمسوغون لهم مواقفهم وأنصارهم للمظلومين في: سوريا، وليبيا، والعراق، ومصر، وغيرها من الأماكن التي يُباد فيها إخوانهم المسلمون، أهل "لا إله إلا الله"؟ ولماذا لا تُعاب عليهم مواقفهم المخزية؟ وهل هذا هو حقيقة الدِّين، والعقيدة الصحيحة التي يتشدقون بها؟

هلاَّ تحول هؤلاء النقاد إلى أبطال في ميادين القتال؟ بدلاً من كثرة الكلام من وراء جدار، وإلقاء اللائمة على غيرهم؟ وهَلاَّ "أعَدُّوا"، أم أنه ينطبق عليهم قول الله تعالى: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ )[التوبة:46].

وهل حماية الأوطان من مسئولية الحكام الذين بأيديهم الجيوش، والأموال، والإعلام، والقرار، أم مسئولية الأحزاب والجماعات، وكيف صرتم تبدّلون وجه الحقيقة؟ ومَن الذي يُلام على ضياع الأوطان؟

وهل مساعدات حكام النفط تصب في جيوب أوليائهم من الحكام، أم في جيوب الأحزاب والجماعات، والشعوب المستضعفة المسحوقة؟
رويدك أيها الأخ الناصح لا تطلق الكلام على عواهنه، تروَّ واعلم أن من حولك رقيب وعتيد، والله المستعان.
لسان حالكم يقول: نحن نجيد البحث عن وسائل الراحة والحياة الرغيدة، وعلى غيرنا أن يجيد البحث عن وسائل الموت، حتى يموت غيرنا من أجل حياتنا وسعادتنا، علينا أن نحيا من أجل البطون والفروج، ومن أجل حماية النفط لمحاربة الإرهاب (الدعاة)، ودعم الأصدقاء (الغرب).

وعلى غيرنا أن يوجهوا أولادهم للموت من أجل إسعاد أولادنا وسلامة حياتهم واستقرارهم، فغيرنا: هم وأولادهم كبش الفداء لنا ولأولادنا وأمثالنا، لأن حياتنا أغلى من موت غيرنا.
نقول لكم يا هؤلاء: متى كانت الحزبية محمودة عندكم حتى ترجون نصرها؟ ولماذا تخاطبونها اليوم وتكلفونها بواجبات الشرفاء، في حماية الدين والأوطان، ألم تقولوا عن الحزبية: إنها بدعة، ألم تفسِّقوا أبناءها، ألم تجعلوا خوضها في السياسة جريمة؟ فإذا كانت الحزبية محمودة، فلماذا لم تنشئوا أحزاباً تحمون بها الدين والوطن وسائر الضرورات الدينية والدنيوية، وما الذي منعكم من ذلك؟ ولما تنحون باللائمة على غيركم؟

- أمّا مدحكم لمواقف أهل رداع والبيضاء، فهذا أمر يخالف سياسة حكامكم، وهذا خروج على ولي الأمر، لأن أهل رداع والبيضاء يقاتلون مع شباب القاعدة، ثم هل يكفي أهل رداع والبيضاء هذا الثناء منكم؟ وما الذي صنعتموه لشيوخهم وأطفالهم ونسائهم الذين أصبحوا في العراء؟ هل يكفيهم وسام المديح منكم، وماذا يغني عنهم؟ وهل هذه هي الغاية التي تريدونها لكل من تدعونه إلى القتال والموت من أجل سلامة حياتكم، أما الإسلام فلا تتباكوا عليه فللإسلام رب يحميه:
(وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) [محمد:38].

ولو وكل حماية الإسلام إلى أمثالنا وأمثالكم ماقام ولا دام!