الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:١٩ مساءً

دعوة للاصطفاف ودعوة للحرب

طارق العضيلي
الاثنين ، ٠٨ سبتمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٤:٥٨ مساءً
الاصطفاف الوطني يحتاج إلى شعب يعي المسئولية ،ويستشعر الأهمية ،ويتشرب الوطنية ، ويترك المماحكات الحزبية ، والاحاديث الجانبية يحتاج إلى نفوس حرة تقهر العبودية ، وتقدم المبادئ على المصالح ، والقيم على المال يحتاج إلى نفوس تتشبع بماء المسئولية ، تسبح في بحر من العزيمة، وتتسلق شجر الجد وجبال المثابرة يحتاج إلى نفوس غايتها: وطن يتسع للجميع ، ودولة مؤسسات عادلة ، ودستور يستوي فيه الجميع إننا بحاجة إلى مصارحة قبل المصالحة.
فإذا كان العناد هو السائد في نوايانا و تعاملاتنا ،فالاصطفاف عبث من القول ودعوة تحتاج إلى مدعوين.

إذا كانت الخصومة السياسية قد انتشرت في أبداننا ،وسرت في عروقنا ،وعبرت عنها ألسنتنا وتصرفاتنا ،وملكت علينا عقولنا وأفكارنا ،ولم نستطع التطهر منها فلن تفلح دعوة الاصطفاف لابد أن نترك ثارات الانتقام ،وننزل رايات الأحقاد ،ونتخلى عن الحسد ،ونهزم الضغينة ،ونخاصم الخصومة. إذا أردنا فلاح دعوة الاصطفاف

إذا كانت المكايدات ،والمزايدات ،واللافتات المتعددة ،والنعرات الطائفية هي المطر المسبل علينا، والغيم المتلبد في سمائنا ؛ فلا قيمة لذلك لابد للجميع أن يحرر اليوم ،فكره ،وعلقه ،ونضجه ويفكر بمسئولية، وينطق بمسئولية ،ويتحرك بمسئولية، ويترك حالة الفوضى التي يصنعها بنفسه ،ويسقيها من عرقه ،ويؤجج نيرانها من نفخه .

إنني أدعوا الجميع اليوم لأخذ هذه الدعوة بصورة جادة لا تقبل المزايدة والتأويل وطلب المزيد من التفسير.

لن يساعدنا اليوم بعد هذه الدعوة غيرنا مالم نساعد أنفسنا ، وسنختلف مالم نتكاتف ، وسنفترق مالم نتفق ، وسنتبدد مالم نتوحد ولن يرفضها إلا من سفه نفسه.

من يدق طبول الحرب لن يرقص على وقعها سيكون أول المحترقين بحمم لهبها هكذا تقول أساطير الحروب وقوانينها..
إنها الحرب وما الحرب إلا ماعلمتم وذقتُمُ !
ليتهم يعرفون ما الحرب؟! وبأي لسان تنطق؟!

فوهة بركان لوفتحت لأتت على الجميع ولن يسلم منها متفرج ، وحفرة من نار تلظى وقودها الأطفال والنساء، وبحر لجيّ يغشاه موج من فوقه موج..

إنها الحرب التي يرجون وبها يستخفّون آلاف القتلى والآف الجرحى ، ومثلهم مشردين جبهات شرهة تتغذى ، ومستشفيات نشطة تأوي الأفواج القادمة من الجبهات. الآف النازحين إنه باب الجحيم يفتح وبحمم نيرانه يلفح..

أولئك الذين كانوا ينادون بالحرب ويطالبون بإطلاق شرارتها هاهم اليوم في عداد النازحين، وأول المختفين الفارين ..

إن من ينادي اليوم بالحرب لايعرف تبعاتها ولو رمى ببصره قليلا إلى ما يحدث في سوريا والعراق لارتد إليه بصره خاسئا وهو حسير. . ولكنهم فقط يجيدون النفخ في الرماد. ولايحسنون غير الرقاد

فحذاري من دعوة لايعرف أبعادها ومن نداء لا تحمد عقباه فإذا دخلت اليمن في حرب أهلية وهي لم تدخل بعد فهذا يعني دمارا شاملا لبلد كان مدمرا في الأصل عاني من الحكم الاستبدادي عشرات السنين، والدخول في حرب أهلية لا يعني سوى الفوضى وأن تصبح كل اليمن ساحة للاعبين من الخارج الذين يقومون بتصفية حساباتهم عبر دعم هذا أو ذاك من القوى العسكرية على الأرض، وفي النهاية سوف يتم تمزيق البلاد إلى كنتونات تخضع للقوى العسكرية القادرة على حسم الموقف على الأرض لصالحها، لكنها لن تبني دولة وسوف تقضي على باقي مقدرات الدولة القائمة.
قال زهير:
وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ
وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَج