الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:١٤ مساءً

قرارات جمهورية ببركة الفصل السابع

أصيل القباطي
الثلاثاء ، ١١ مارس ٢٠١٤ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
مرت الفترة اللاحقة لحديث رئيس الجمهورية عن قرارات هامة، في خطابه الشهير في الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار، مليئةً بالتسريبات وبالتكهنات حول تعديل حكومي وشيك أو قرارات هامة تارةَ خلال يومين تارةَ الإسبوع القادم ... وهَلم جر، بل وتجاوزتها إلى نشر توقعات التشكيل الحكومي الجديد، وأسماء الوزراء الجدد، وتعلمون جيداً كيف كان معيار تسمية الوزراء الجدد بالنسبة لوسائل الإعلام التي تسابقت بحثاً عن سبق صحفي، إلا أنه دائماً ما كانت تمر نشرة التاسعة دون أي خبر عن أي قرارات من قبيل تلك المعلومات أو التكهنات .

واستنادا لكلام الرئيس في الجلسة الختامية للحوار عن قرارات هامة قريبة و للفترة الزمنية التي فصلت بين حديث الرئيس وأول قراراته المفصلية، و تلك المعلومات التي تحدثت عن تعديلات حكومية هامة وقرارت سيادية هامة، والتي ليس بالإمكان ولا من المنطق ألا تُصدق كلها، يتضح أن هنالك أطرافاً سياسية ومراكز قوى لطالما أعاقت صدور تلك القرارات ليس فقط لإنها تفقدها المصالح التي حققتها في تلك المؤسسات أو الوزارات التي قد تستهدفها تلك القرارات، أيضاً لإنها تحد من نفوذها في مرحلة يشهد فيها المجتمع ملامح خريطة جديدة و بروز قوى جديدة على حساب القوى التقليدية الحاكمة شمالاً منذُ الإنقلاب على أهداف ثورة سبتمبر، بإستثناء العامين اللذين تولى فيهما الرئيس إبراهيم الحمدي الحكم، وشمالاً وجنوباً منذ إقصاء الشريك الأساسي في تحقيق الوحدة في حرب صيف 94، تلك القوى الحاكمة تقليدياً، وبلا شك، عملت الكثير لتحافظ على المساحة الجديدة التي حصلت عليها في عمق الجهاز الإداري للدولة من خلال تمكنها من كبح الثورة الشبابية التي كانت ستحد من النفوذ الذي إكتسبوه خلال فترة حكم علي صالح، و من ثم بإقصاء شريكها التاريخي في الحكم والفيد والغنيمة ممثلاً بعلي صالح وحزبه، بل وكانوا مستعدين للقتال من أجل الحفاظ عليها، بل وقاتلوا في مناطق حاشد للحفاظ على مناطق نفوذهم الجغرافي والتاريخي، إلا أن نتائج المعركة التي ابتدئوها كانت مخالفةَ لتوقعاتهم .

لقد كانت أبرز تجليات القرار الدولي بشأن إدراج معرقلي التسوية تحت طائلة البند السابع للأمم المتحدة تلك القرارات الجمهورية الأخيرة بتغيير وزير الداخلية ورئيس جهاز الأمن القومي ووزير النفط، ومن ثم، وإن ليس بنفس الدرجة، قرار تشكيل لجنة صياغة الدستور، والذي يبدو بعيداً عن المحاصصة الحزبية فيما لو إستثنينا إسمين، مع الأخذ بإنهما ليسا من المتطرفين فكرياً، وبالإعتبار أن بقية الأسماء مغمورة، ولعل أن هذه القرارات أُصدرت أيضاً لجس نبض الأطراف السياسية التي لم تُبدِ، وللو للحظة، أية إعتراض . إن القراران الذين إقتضيا تغيير وزير الداخلية وتغيير غالب القمش، الذي كانت فترته على رأس الأمن السياسي مليئةَ بالقمع، وأخذ فيها الناس يخشون الخوض في السياسة، بل وأخذتهم فوبيا الأمن السياسي، لدرجة أنهم إعتبروا أن المجانين من منتسبي الأمن السياسي المتنكرين للإيقاع بإكبر قدر ممكن من المعارضين السياسيين ، وسنكتشف أن نوعاً من المحاصصة الحزبية لف هذين القرارين إذا ما بحثنا وراء إسمي اللواء عبده الترب و جلال الرويشان، لكن الوضع يستقضي الترحيب بهما، لا سيما أننا سمعنا الكثير عن رفض أل الأحمر لأي تغيير لغالب القمش دون مقايضة و رفض الإصلاح لتغيير عبد القادر قحطان دون الإحتفاظ بكرسي وزير الداخلية، وهذا قد تحقق لهم، و دون مقايضة تغيير قحطان بمراكز أمنية وعسكرية أكثر . وهذه الصفقة التي لم تمر بطبيعة الحال، ومن الواضح أن تقهقر نفوذ الأحمر في حاشد قد مكن الرئيس، إلى جانب القرار الدولي، وهو الأهم، من رفض طلبات الإصلاح ممثلاً بمراكزه القبلية والعسكرية .

يتيح القرار الدولي الأخير بشأن اليمن الفرصة أمام الرئيس لإصدار قرارات أجرأ، فيما لو تحلى بالشجاعة اللازمة، وإذا ما إستغل أيضاً التغيرات السياسية التي يشهدها المجتمع أفقياً وعمودياً، والتي بمقدوره أن يجيرها لصالحه، بإمكان رئيس الجمهورية أن يحقق تطلعات اليمنيين، أولاً بإرساء دعائم الأمن وإعادة حضور الدولة بالشكل الذي يحفظ للمواطن كرامته، وأن يوفر البيئة المناسبة لحل القضية الجنوبية وإيجاد الطريق لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، فيما لو إستثنينا شكل الدولة، وأن ينال بهذا المكانة التي يبحث عنها في وجدان الشعب، ويذخر بها الرصيد الشعبي الذي قد يحتاجه في مرحلة مقبلة، والفرصة سانحةُ أمامه .

فهل يلتقط الرئيس هذه اللحظة التاريخية لتحقيق تطلعات اليمنيين أم إنها ستفوته؟

لندع الأيام تكشف لنا الإجابة ...