الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥١ مساءً

ذاكرة وجرح

طارق الجعدي
السبت ، ٢١ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
اليوم في جمعة لا حصانة وانا أستعيد ذكريات الثورة في شارع الستين تم تعيين الذاكرة كمندوب لرواية الجراح، حين تكون الذاكرة متحدثا رسميا باسم الجرح فثم الألم الأكثر، محطات قديمة وجدت نفسي مجبر على الوقوف عليها، حكايات سردية تصلح أن تكون عنوان لروايات عابرة ومنها:

الشهداء: ذهبوا وتركونا في وحل الخزي نقتات القهر ونستقي الأسى، تركوا لنا علَما وطنيا ووردة كرامة، أهديناهم مقابل العلم الوطني خيانة وطنية ومقابل وردة الكرامة استهانة رخيصة، لعل هذا آخر إحصائنا، أذكر مما تركوه لنا أيضا قلما ومحبرة قد جف منها الحبر، كسرنا القلم وقذفنا المحبرة، سنظل أوفياء لهم حتى بمستوى الخيانة الوطنية التي سنكتسيها فلن تكون خيانة سرية بل سنجعلها علنا حتى تتسع لكافة لعناتهم.

الجرحى: عندما غادرت خيمتي باتجاه هذا المخبأ وجدت أما تقتاد بإحدى يديها جريحا، اختطاف الوطن جرح غائر يا امي العزيزة، الوطن نستطيع ارجاعه بعد خطفه، والجريح أيضا، كانت أحكم مني رؤية بجوابها، ينشغل الناس بعودة المختطف وحيثيات إعادته ويتخلون عن الجريح وينتهي به الحال في اقرب مصحة نفسية. معك حق فالمصحات النفسية بعد الثورة ازدادت بفعل عوامل الكبت والتهميش التي تحركت بعد الثورة، أملنا أكثر بالنضج المرحلي لدى شباب الثورة، شباب الثورة كانوا مبتدأ مقدم وجوبا فتحولوا إلى خبر بعد تحول الجملة الى الماضي كانوا؛ أيش عرفك بالنحو يا حجة؟ ههههههه، ابتسامة عريضة وودعتني.

الثورة: هناك الكثير من المبادئ لكن مبدأ الثورة هو القديس، مبدأ قيمي متسق، خلود نصبح شغوفين به بعد أن ينتهي، امتياز ثقافي وفني وعقدي قل ان تحصد البشرية هكذا امتياز، ذلك ان الخطيئة ضد الثورة كمبدأ، وجوهر الفحش وباطنه أيضا ضد الثورة كمبدأ، نحتاج الى الثورة حتى حين نشرب الماء ونتنفس الهواء، أليس تحريك الاكسجين شهيقا وزفيرا سوى ثورة على عوامل أكسدة الهواء، يحز في نفسي تأخر ثورة مجتمعية وتأخر ثورة ثقافية وتأخر ثورة مفاهيمية قد تساعد في تحجيم رقعة الجمود الذي يقتلنا كل يوم، الكثير من المجتمعات ثارت على كل شيء فنالها كل شيء، مجرد استحسان الثورة نكون قد سلمنا صك يقبل بالتغيير كعمل ثوري وحتمي يقضي على الجمود.

الخيمة: هناك الكثير من الأجيال ستكون محظوظة لو جعلت من الخيمة رمزا وطنيا بديلا عن العلم الوطني الذي يشير بصراحة إلى الدم، دول وطنية عديدة علمها الوطني فكرته تنبع من الظلم الذي تعرضت له وحجم النبل الذي تتحلا به، ستكون تلك الأجيال شغوفة ومسرورة جدا بالخيمة كعلم وطني، الخيمة ترمز للصبر والوفاء والحب والحكمة وكل شيء جميل، الخيمة ظلت لفترة ليست بالبسيطة تؤدي دور الأبراج والفنادق السبعة نجوم، الخيمة في القرن الواحد والعشرين على سبيل المثال كانت تهدد الدبابة والصاروخ وكافة أنواع الأسلحة، ظلت لفترة وجيزة وهي تقهر المدفع والبارود، لماذا لا تصح أن تكون رمزا وطنيا.