اصبح واضحا ان الهدف من الانقلاب العسكري في مصر هو الانقضاض على التيار الاسلامي وحاصة الاخوان المسلمين وابعادهم عن المشهد السياسي ووجودهم بالسلطة كخطوة استعدائية من العسكر ومؤيدي الانقلاب.
الانقلابيين لم يقرءوا الواقع قراءة صحيحة واعتمدوا في قرارهم على معطيات اغلبها خارجية ومؤثرات داخلية من الجهاز الاعلامي المعادي للتيار الاسلامي والممول من الخليج ولهذا لم يدرك الانقلابيين حجم وواقع ومكانة الاخوان والتيار الاسلامي في الشارع المصري الذي يعد اكبر شريحة في المجتمع
مساعي سلطة الانقلاب العسكري لحل جماعة الاخوان المسلمين ستمثل خطوة كارثية على مصر وبعض الدول لان ليس بمقدور الجماعة السيطرة كليا على اعضائها ومناصريها من ممارسة غضبهم وردة الفعل لهذا القرار وتسرب كثير من الاعضاء والخروج عن رأي الجماعة وقادتها وتشكيل جماعات صغيرة تتبنى منهجية العنف ومقاومة الغطرسة العسكرية والامنية ضد هؤلاء الاعضاء وخاصة فئة الشباب وحديثي الانتماء والمناصرين للجماعة.
المؤكد ان الجماعة ومن خلال قياداتها ستظل محافظة على سلميتها ومنهجا الوسطي لكن هذا الطابع لايمكن سريانه على كل اعضائها ومناصريها وعموم المنتمين للتيار الاسلامي
جماعة الاخوان المسلمين تمثل رمزية ونموذجية عند ملايين المتدينين وهي بالنسبة لهم الاطار الذي ارشدهم لفهم الدين الاسلامي فهما صحيحا والاعتداء على هذا الرمز وهذه النموذجية هو اعتداء على شيئ غالي وثمين.
التطرف الذي يقوده الانقلابيين المتمثل بالابادة والتنكيل والملاحقات والاعتقال والهجوم الاعلامي الشرس والتشويه الممنهج بحق الجماعة واعضائها وانصارها ووصفهم بالارهابيين وغيره من الاوصاف هي اعمال ظالمة ومجحفة بحق الجماعة وستولد شعورا سلبيا وعكسيا للوسطية التي تسير عليها الجماعة وتتبناها وتربي اعضائها عليه وسينجه كثيرا من الاعضاء نحو مقاومة هذا الظلم وهو حق طبيعي باعتباره دفاعا عن النفس والوجود وهذا ان حدث سيكون خارج عن سيطرة الجماعة وقياداتها.
الفترة الزمنية التي اعتمد العسكريين فيها على سياسة القمع والتنكيل بحق الاخوان نتج عنها تفريخ كثير من المجموعات الصغيرة والكيانات التي اتخذت من العنف وسيلة لنشاطها وامتد هذا الى كثير من البلدان وعانت منه كثير من المجتمعات وبعضها لا زال الى الان لان غياب الرشد هو الذي سيطر على هذه المجموعات واعتقدت ان العمل الذي تمارسه هو المشروع وقد دقعهم الواقع الى تبني هذا النوع من النشاط كضرورة لمقاومة ارهاب السلطات والقمع الذي كانت تلحقه بأفراد هذه المجموعات.
اليوم سلطة الانقلاب تعيد انتاج مأسي تلك المرحلة وتعيد صناعة انتاج العنف من جديد من خلال ممارساتها في اقصاء الاسلاميين عن ممارسة حقوقهم السياسية وملاحقتهم والتنكيل بهم وقتلهم بدرجة قاسية ووحشية امتثالا لرغبات بعض انظمة الخليج الحاكمة التي تمول هذه العمليات ضد الاسلاميين علنا
تيار كبير مثل الاخوان المسلمين يجب على السلطة واي سلطة ان تتعامل معه بنوع من الوعي والادراك لاهمية وجود هذا التيار لان التعامل بناء على دعوات التطرف التي يتبناها اعداء هذا التيار وتقوم بترويجها وسائل الاعلام المعادية للاسلاميين دون ادنى رقابة من السلطات هو اعتماد على معطيات خاطئة ومغلوطة ومتطرفة لانه لا يمكن اقصاء الاسلاميين او الاخوان عن الحياة مهما مارست السلطة من قمع وابادة بحقهم لان مرجعية الاسلاميين مرجعية اسلامية وعلى اسس صحيحة وجذور هذه الجماعة ضاربة في عمق التاريخ الماضي والحاضر والمستقبل فالاستئصال مستحيل مستحيل.
كان الاحرى بالانقلابيين الاستعانة بموقائع الماضي وخاصة فترات الخمسينيات ومابعدها واخذا الدروس المعتبرة من مأسي نلك المرحلة ومدى التطرف الذي انتجته سياسة القمع والاعتماد على النظام الامني للتعامل مع الجماعات الاسلامية وبنفس الطريقة كان لهم ايضا الاستعانة بنماذج التعامل الواعي مع الاسلاميين الذي اتخذته تقريبا دول مثل اليمن والاردن وماليزيا التي كان للحركة الاسلامية بصمات في السلم والامن الاجتماعي بسبب ممارسة الحقوق السياسية وغيرها
التطرف هو الابن الشرعي لسياسة القمع والإرهاب ومشاهد التاريخ تحكي القصص والروايات التي لو اخذ بها الانقلابيين لما قدموا على انقلابهم.
ان حل جماعة الإخوان هو قرار لمصر غير مستقرة وقرار لتصدير مرحلة عنف جديدة تلبية لنزعات عدائية يحملها حكام الخليج تجاه كل ما هو اسلامي ، فالتمويل الخليجي لم يخفى على كل ذي بصيرة واهدافه ايضا واضحة هو من اجل تدمير مصر واخراجها من مكانتها الاقليمية والدولية وخدمة مجانية لاعداء العرب والمسلمين.
مهمة انتشال مصر من هذا المستنقع يقف بالدرجة الاولى على اكتاف القادة العسكريين الوطنيين لاتخاذ قرار ازاحة السيسي ومن معه من اجل استعادة الامن والاستقرار الى كل ربوع مصر وردم الهوة والشرخ الذي احدثه انقلاب السيسي ولم الشمل الوطني وانهاء النزعات المتطرفة ضد الاسلاميين
الاوضاع التي اعقبت 3 يوليو كلها تؤدي بمصر نحو التقهقر واللااستقرار والفوضى ولا يصدق ان الانقلاب جاء لانقاذ مصر ، الانقلاب مخطط خارجي بتمويل خليجي ضد مصر اتخذ وجود الاسلاميين في السلطة ذريعة لانهاك مصر واضعافها.
مليارات الخليج ستدمر مصر وتقضي على حلم المصريين الذي كتب لهم بعد ثورة يناير ان يتجهوا الى بناء دولة قوية وعملاقة ، الانقلاب قضى على هذا الحلم وسيقضي على كل ما تبقى من مصر.
الانقلابيين يستعدون كل من يخالفهم وكل من ينصحهم حتى وان كان شريكا لهم في المخطط ، ابو الفتوح والبرادعي اليوم يتعامل معهم الانقلابين كأعداء لان مواقفهم تحولت حين ادانوا العنف وخروجهم من المشهد هو الحفاظ على علاقات معينة بقوى خارجية وخاصة البرادعي.
الاخبار الاعلامية الأخيرة تقول ان اللواء العصار تحت الإقامة الجبرية وان بعض الوزراء ايضا تحت الإقامة الجبرية وهذا ما يؤكد ان الانقلابيين ينفذون برنامجا أجنبيا لتدمير مصر
ان المال الخليجي الرسمي بمثل لعنة وكارثة لأي بلد استعان به لأنها اموال غير بريئة ومصر التي تدفقت لها المليارات الخليجية لم تكون حبا بمصر ولا لعيون المصريين وانما لهدم أركان الدولة المصرية.
ستتضرر مصر ويبقى الاسلاميين من كل ما يقوم به السيسي وهذا ما يجب ان يفهمه عموم المصريين والصامتين امام سياسة الانقلابيين وصمتهم عار وعار ان يستمر صمت القادة العسكريين امام تهور السيسي ومن معه.