السبت ، ١٨ مايو ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٣٢ صباحاً

قدّس الله سركم !

د . أشرف الكبسي
السبت ، ١٥ يونيو ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
لم يقتل قابيل أخاه هابيل ، لعصبية دينية مذهبية ، ولا لفتنة عرقية طائفية ، أو في خضم صراعهما على السلطة ، أو على حق امتلاك قطعة أرض ، تقع على تقاطع شارعين رئيسيين ، كما أن رفض إبليس السجود لآدم ، لا يعود لثأر قبلي ، أو نزاع سياسي ، وقطعاً لم يفعل أخوة يوسف ما فعلوه به ، كونهم سنة وهو إثنا عشري ، فالسبب الحقيقي وراء تلكم الأحداث المأساوية جميعاً ، يكمن وببساطة في الكراهية والحقد ، الناتج عن صراع المقارنة وغيرة المفاضلة ، بين الأنا والآخر..!

لا يتطلب الأمر الكثير من الحقائق والبراهين ، يكفي أن يمتلئ قلبك بالحقد والكراهية ، لتفعل ما فعله قابيل وإبليس وإخوة يوسف ، وهذا بعينه ، ما تهدف إليه حملات الشحن الطائفي والتحريض المذهبي والمناطقي ، والتي لا تقوم على حجة عقلية ، وإنما على إيغار الصدور ، وتأجيج الشعور ، تارة بإدعاء الحق الحصري في قراءة الدين ، واحتكار الحقيقة المطلقة ، الكافية لتكفير الآخر وتسفيهه ، وتارة أخرى ببث سموم المفاضلة السلالية الزائفة ، بل ومحاكمة القلوب والأنفس ، لا على ما تقول أو تفعل ، وإنما على الشك والظن بما يمكن لها أن تضمر أو تشعر ، لا من واقع حالها ، وإنما من خيالات وأوهام ناقديها.

أنتمي شخصياً إلى أسرة هاشمية ، ولم أسمع يوماً أحد أفرادها يقول ، ما يقال ، من أفضلية (للسادة) ، إلا بالتقوى ، ولطالما كان شعارها: (أن تكون هاشمياً فذلك لا يعني أنك أفضل من الغير ، وإنما أن عليك أن تكون أفضل مما أنت عليه) ، وكان كل همها ، وجل سعيها ، أن تعيش حياة كريمة عادلة ، في وطن يتساوى أفراده في الحقوق والواجبات ، شأنها في ذلك شأن كل أسرة يمنية ، تؤمن بالله وتحب لسواها ما تحب لنفسها..

أنتمي شخصياً إلى المذهب الزيدي ، وإن غابت أدبياته ، عن مناهجنا المدرسية ، لكني لم أسمع يوماً أحد أفراده يقول ، ما يقال ، بحق الصحابة المنتجبين والخلفاء الراشدين ، مع رفضه إلغاء العقل والحجة لحساب الانقياد والتبعية ، ولطالما كان شعاره : (نحن أقرب أهل السنة إلى الشيعة ، وأقرب أهل الشيعة إلى السنة) ، وكان كل همه ، وجل سعيه ، أن يتمتع بحقه في نشر الفكر وممارسة الشعائر ، بالتساوي مع كل مذهب وتيار مغاير..!

أيها السادة ... وكلكم سادة ، ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا ، ونحن جميعاً أخوة في الله والدين والوطن ، دعونا نفشي السلام بيننا ، ولنكن جميعاً (رافضة) نرفض الظلم والفساد ، ولنكن جميعاً (نواصب) نناصب العداء من أراد بلادنا وأهلنا بسوء... قدس الله سركم ، وكان الله في عوننا على جهل بعضنا ..!