الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٥٩ مساءً

" الحق الالهي" فخ قوى التسلط

عبدالوهاب الشرفي
الجمعة ، ١٤ يونيو ٢٠١٣ الساعة ٠١:٤٠ مساءً
تلعب القوى التي تسلطت قبل احداث 2011م وعلى عقود , فنهبت وأقصت وحاربت , لعبه ماكرة في مواجهة المطالبات بمعالجه ملفات تسلطها في تلك الفترة . فهي الان تحرّض القوى التي تضررت من تسلطها ضد بعضها , باستخدام قضايا لا محل لها في المعترك السياسي والقانوني الذي جميع القوى بصدده الان , واوضح شاهد على ذلك تحريض القوى الليبرالية واليسارية ضد الحوثيين بأثارة قضية تسميها " الحق الالهي بالحكم " .

منذ ان حلّت قوى التسلط الازمة التي حصلت فيما بينها " بالتوافق " , بدأت تلك القوى في إثارة قضية اسمتها " الحق الالهي " كتهمة نسبتها لحوثيين لتنفّر ما أمكنها من القوى المتضررة الاخرى منهم , و ها هي تجد في " المشادة " التي حصلت بين الدكتور ياسين سعيد نعمان مع احد او بعض اعضاء مؤتمر الحوار عن الحوثيين " فرصة ذهبية " لها لدق " إسفينها " بين الطرفين , وبدلا من النظر الى " المشادة " على انها حالة نزق وحدثت في حالة توتر اعصاب , تمكنت قوى التسلط من إذكائها وتصويرها حالة خلاف سياسي وقانوني بين الطرفين . وبدلا من تنبّه الليبراليين واليساريين من جهة والحوثيين من جهة اخرى الى ان يتم معالجتها في اطارها , عن طريق التوضيح والاعتذار والتسامح او حتى التعهد بعدم التكرار . خرج البعض من هولاء الاخيرين للتبرّم من الاخر واستهدافه واتهامه بعيدا عن موضوع " المشادة " .

خرج البعض من الليبراليين واليساريين باتهام الحوثيين انهم ادعيا " لحق الهي للسيد في الحكم " , وخرج بعض الحوثيين باتهام الليبراليين واليساريين بالاصطفاف الى جانب قوى التسلط ضد مظلوميتهم , وبدأت حالة من النفوّر التي تسعى لإيجادها قوى التسلط بين الطرفين في التشكّل .

و بالطبع ستستمر قوى التسلط في دقّ " إسفينها " بين الطرفين حتى تتمكن من جعل حالة النفور بينهما واقعا قائما بالفعل ان تمكنت , و هو ما يترتب عليه فقد حماس كلا منهما لقضية الاخر . بل ان قوى التسلط لن تقف عند خلق حالة النفور بينهما - اذا ما تمكنت من خلقها - وانما ستعمل على تطويرها الى حالة من العداء , تمكنها من استخدام كلا منهما ضد الاخر . وما لم يتم التنبّه من الطرفين لهذا الفخ فستتمكن قوى التسلط من تحقيق ما تريده للقوتين , و البداية من " الحق الالهي " هذا .

ما يجب ان يتنبّه له الليبراليين واليساريين والحوثيين ومن مثلهم , ان ما يتم اثارته تحت مسمى " الحق الالهي في الحكم " , هو مسم خاطئ وتوظيف خاطئ ايضا لقضية مصنفة كقضية فكرية . فالزيدية – عندما كان الحكم ينطلق من المذهب الزيدي – تشترط ضمن عدد من الشروط ان يكون الحاكم من " البطنيين " , وحال هذا الشرط هو نفس حال شرط العربية ضمن شروط الحاكم عند مذاهب السنه .

لست بصدد الحديث عن تفاصيل هاذين الشرطين , فما اريد ان يتم التنبه له هو ان طبيعة هذه القضية هي " فكرية " وموجوده في بطون الكتب , ويجب ان يتم التعاطي معها وفقا لطبيعتها هذه " كقضية فكرية " , ولا اعتقد ان ايا من الاطراف يضع القضايا الفكرية ضمن اهتماماته الحالية اصلا . فالجميع بصدد معترك سياسي وقانوني لاوجود لهذه القضية فيه , فلا الحوثيين يفرضون على احد التسليم بشرط الزيدية هذا , ولا حتى يعملون على تقنينه من خلال التداولات السياسية والقانونية التي تتم بين الاطراف حاليا .

اثاره قضية " حق الاهي بالحكم " هي واحده من قضايا فكرية اخرى تعمل قوى التسلط على اثارتها في محاولة لتشتيت القوى الاخرى وضربها ببعضها , او على الاقل افقاد كلا منها حماستها تجاه قضية الاخرى, ومن ثم سيمكنها الاستفراد بقضية كل قوة على انفراد .

قبل العام 2011م لم تتمكن ايا من القوى المتضررة من ان تفرض على قوى التسلط التعاطي مع قضيتها باتجاه ايجاد معالجات لها نهائيا . ولم تتمكن من فرض ذلك الا عندما تحمّست كل قوة لقضية القوى المتضررة الاخرى , واذا ما تمكنت قوى التسلط من ايقاع القوى المتضررة في فخ " القضايا الفكرية " , وجعلت منها أحد عوامل تحديد المواقف السياسية والقانونية من كل قوة تجاه غيرها , فستفقد القوى المتضررة قوة اتحادها تلك , وستتمكن حينها القوى المتسلطة من التفضّل بما تراه من المعالجات , و التمنّع عن المعالجات التي ترى انها تحد من تسلطها ونفوذها ومصالحها , وسيكون هذا التفضّل والتمنّع بحق كل القضايا , ومع كل القوى المتضررة , وسيعود الحال كما كان عليه , فلا وجود لقوة تتمكن من ان تفرض على قوى التسلط شيء غير ما تريده هي .