الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٣٠ مساءً

القضاء يصيح " ياغارتاااااااااااااه "

عبدالوهاب الشرفي
الأحد ، ١٩ مايو ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٣٠ مساءً
عندما يختلف الناس في اي مجتمع كان فان القضاء هو من يفصل بينهم فيما اختلفوا فيه , فيحدد من له الحق ومن عليه الحق او من المخطئ ومن المصيب . والقضاء لا يفعل ذلك تبعا لرغبة من يمثلونه ولا رؤيتهم او ميولهم , وانما هو يفصل بناء على القانون والنظام الذي يعتبر ملزما للجميع بما فيهم القضاء نفسه .

عندما يكون هناك قضاء مؤهل عادل منصف ملتزم فان المجتمع يعيش وضعا طبيعيا لا تجاوز فيه اي مشكلة او اي خلاف مستوياتها الطبيعية , لان من يقع عليه ضرر من اي حدث او موقف او تصرف سيلجأ الى القضاء وهو بدوره سيرفع عنه الضرر ويعيد الامور الى نصابها بقوة القانون . لكن عندما يعطب هذا الجهاز فان المجتمع يشظى , وكل من له قوة سيلجأ الى قوته من سلاح او قبيلة او مال او عصابه او غير ذلك للدفاع عن نفسه اولا وبعدها ينجر اليا الى ظلم غيره . وحينها يدخل المجتمع في حالة اقطاع بداية فلاحق فيه الا للعصابات و " المتبلطجين " وينتهي به الحال الى مجتمع متصارع متناحر متغالب على غير هدى وعلى غير حق , الا ما قرره كل " طاغوت " لنفسه .

قبل شهر تقريبا حظرت صدفة جزء من ندوة عن القضاء في فندق " إيجل" و كان من بين متحادثيها القاضي عبدالوهاب قطران , وقد اثار حينها نقطة قبول طلاب من جامعة الايمان في معهد القضاء العالي خلافا للقوانين والانظمة والسياسات المتعلقة بالقبول في المعهد , وكان مدير عام الشئون المالية في المعهد حاضرا الندوة وقد اعترض على كلام القاضي قطران , ونفى نفيا قاطعا صحة الكلام الذي قاله القاضي قطران .

بعد شهر من تلك الندوة ها هي الامور تتكشف لترجّح كفة القاضي قطران على كفة المدير العام الذي انتقده وكذب كلامه . وها هي الاخبار تتولى عن ان هناك بالفعل ترتيبات تمت بناء على توجيهات بقبول مجموعة من طلاب جامعة الايمان في معهد القضاء , وهذه التوجيهات بحسب الاخبار كان قد وجه بها معالي القاضي العرشاني وزير العدل , وأؤكد وزير العدل .. العدل ! .

من التزامات وزير العدل ومسئوليته وما اقسم عليه اليمين هو ان يلتزم النظام والقانون , ولكنه يخرج على النظام والقانون بصورة سافرة ويقدم على خطوة تمثل اشد الخطو على المجتمع وسلمه وامنه . فالسلطة التي تلزم الاخرين جميعا بالقانون والنظام بأحكامها , ها هي بشخص اعلى مسئول فيها وهو وزير العدل تخرج على النظام والقانون , وتسدد ضربة قوية لهيبة القضاء وشرعيته وعدليّته .

لا اكتب هذا المقال لان لي وجهة نظر او موقف من جامعة الايمان او طلابها , فانا اعرف ان المعني بوجهة نظري هو انا فقط , وليس من حقي ان اعترض على شيء بناء عليها . ولكنني اكتب هذا المقال لان هناك قانون ونظام في البلد يجب على الجميع ان يلتزم به . انا او القاضي العرشاني او جامعة الايمان او معهد القضاء او ايا كان من الشخصيات المعنوية والاعتبارية في هذا المجتمع . يجب ان نلتزم النظام والقانون جميعنا وفي مقدمتنا جهاز القضاء ذاته .

هناك قانون ونظام خاص بالقبول في معهد القضاء , وهو قانون نافذ ومعمول به ويجب ان يستمر العمل به . هذا القانون يشترط صراحة في المتقدم للدراسة بالمعهد ان يكون حاصلا على شهادة الشريعة والقانون او الحقوق من جامعة معترف بها رسميا . وجامعة الايمان ليس بها كلية شريعة وقانون او كلية حقوق , وليست جامعة معترف بها .

ان يوجه وزير العدل بالقبول في المعهد بمخالفة صريحة جلية لقانون السلطة القضائية هو اغتيال للقانون وللقضاء وهو لاشك مصيبة , ولكن المصيبة الادهى ان يتم " المغالطة " لتمرير " الغلط " فيؤكد بحسب الاخبار مصدر قضائي ؟! ان مجلس المعهد العالي للقضاء اقر السماح لطلاب جامعة الايمان الالتحاق بالمعهد للدراسة فيه , كيف يا خلق الله ؟! قال المصدر القضائي ؟! " بعد التقرير الذي الذي قدمته اللجنة التي شكلها وزير العدل ؟! والتي قالت ان " جامعة الايمان عدّلت منهجها واضافت له مواد قانونية " ؟! .

لتعدل جامعة الايمان منهجها ولتضيف مواد القانون او لا تفعل ذلك , ماذا يعني ذلك يا مصدر يا قضائي ؟! وليشكل وزير العدل لجنة لتقرير بذلك ايضا او لا يشكل ماذا يعني ذلك يا معالي وزير العدل و يا مصدر يا قضائي ؟!

القانون يقول القبول في المعهد ليس لمن في ما يدرسه مواد قانونية ,ولا يقول القبول في المعهد لمن تقرر لجنة وزير العدل له ذلك . القانون يقول القبول لمن لديه شهادة الشريعة والقانون او الحقوق من جامعة معترف بها .. والاعتراف بالجامعات هو امر لا تختص به لجنة وزير العدل ولا المعهد العالي للقضاء ولا وزارة العدل او القاضي وزيرها .. من يختص بتقرير الاعتراف لأي جامعة كانت سواء الايمان او غيرها هو مجلس الوزراء باعتناء وزارة التعليم العالي ويصدر قرارا جمهوريا بذلك . وعندما يكون بجامعة الايمان كلية شريعة وقانون او كلية حقوق ويكون قدر صدر القرار اللازم ليتم التعامل معها كجامعة معترف بها وفق الانظمة والقوانين المعنية النافذة في البلد . حينها ليتقدم خريجوها للمعهد " جيّزهم جيز غيرهم " من خريجي الجامعات المعترف بها .

اي عبث هذا يا معالي وزير العدل ؟! لجنة من " نفرين " يسدان مسد وزارة هي وزارة التعليم العالي . توصية من لجنة " النفرين " وتو جية من وزير العدل يسدان مسد قرارا جمهوريا .

يا معالي الوزير القاضي العبث قد ذهب ابعد , فنسبة القبول تخفض دون مبرر , وتوسيع الطاقة الاستيعابية للمعهد دون مبر ودون تأهيل له لاستيعاب عدد اكبر , ولم يقف الامر عند السماح بالقبول مخالفة للنظام والقانون فقط ولا عند القفز فوق نسب القبول وطاقة المعهد الاستيعابية وانما – اذا صح طبعا – وصل الى تحديد عدد معين "ملزم للمعهد " قبوله من طلاب جامعة الايمان ؟! .

امر كهذا يجب ان لا يمر .. الامانة والمسئولية تفرض على ادرة المعهد ان تعترض على ذلك اخلاء لمسئوليتها , وزارة العدل ممثلة بقضاتها عليهم ان يعترضوا على ذلك وان يرفعوا قضية ضد اجراء كهذا امام المحكمة المختصة لأبطاله , معالي وزير العدل الامانة والمسئولية تفرض عليه ان يعدل عن موقفه وان يوجه جامعة الايمان بتأهيل نفسها والحصول على اعتراف بها عبر الطرق القانونية وتقدم خرّيجيها كأي خريجين متقدمين منسجمين مع القانون . وزارة التعليم العالي معنية هي أيضا بالاعتراض رسميا على اجراء كهذا . جهاز الرقابة والمحاسبة والهيئة العليا لمكافحة الفساد معنيان الامر, والقانون يعتبر النشر في الصحف بلاغا رسميا يجب التعامل معه . منضمات المجتمع المدني كذلك عليها ان تقف بالمرصاد لمرور خطوة كهذه لا نها تنتهك القضاء وستؤثر ويلا وثبورا اذا ما مرت على المجتمع وعلى البلد ونظامه وقوانينه . وما يجب ان يتنبه له الجميع الا يتم التوجّه لمواجهة هذا الامر لأنه خاص بطلاب جامعة الايمان بل مواجهته لأنه اختراق للنظام والقانون من ايا كان .

والامر معني به مباشرة فخامة رئيس الجمهورية . فيا فخامة الرئيس ماذا ننتظر من قضاة يتخرجون من معهد القضاء وكانوا دخلوه بانتهاك للنظام والقانون ؟! , يا فخامة الرئيس اعطاب القضاء ويلاته كثيرة وخطيرة على المجتمع وعلى الدولة , ويجب ان توجه عاجلا توجيا واضحا وصارما بان يلتزم القانون في القبول لمعهد القضاء العالي وعلى الجميع .