الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:١١ مساءً

انها تمطر " طائرات "

عبدالوهاب الشرفي
الاربعاء ، ١٥ مايو ٢٠١٣ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
عند ورود انباء عن سقوط طائرات , اعتدنا جميعا ان نتحول الى التناول الساخر للأمر , وتجاذب التعليقات اللاذعة حوله . ولم يبدر من ايا كان رسميا او شعبيا اي رد فعل يكون في مستوى الحدث . مع ان حدث مثل سقوط طائرة هو حدث غير عادي واذا اضنا الى ذلك ان سقوطها فوق مدن مأهولة فالحدث يصبح هائلا , واذا أضيف لما سبق انها ليست طائرة واحدة وانما طائرات عدة فالحدث هو بالفعل حدث مهول .

الطائرات ليست سيارات يمكن ان يقرّر تحريكها " الطارف " ,وان يقودها " الطارف " , وان يصوّنها " الطارف " . الطائرات ليست سيارات تسير في اي طريق " يشعّب " قائدها ان يسير بها فيه , ولا يمكن ركنها في " اطرف بقعة " يرى قائدها انها مناسبة . و الطائرات ليست سيارات يسير بها قائدها دون اتصال بأحد اثناء " مشواره " .

الطائرات وسيلة خاصة , قرار تحريكها مبرمج متحكم فيه , ولا يقودها الا طيارون متخصصون بقيادتها , ويتولى صيانتها طاقم فني متكامل ومتخصص , ولا تسير الا في مسارات محددة وغالبا ما تكون مختارة سلفا , وصعودها وهبوطها " وركنها " كله في اماكن مخصصة ومهيئة ومحروسة ومؤمنة , وطيرانها تكون فيه على اتصال مستمر بملاحين في ابراج المطارات .

ما بين ابريل 2005م ومايو 2013م , 27 طائرة عسكرية اما سقطت او تحطّمت او انفجرت او احترقت . منها 16 طائرة خلال فترة ذات خصوصية هي ما بين 2010م و2013م وهي فترة الاحداث السياسية التي شهدها البلد ولازال يشهدها , وما صاحبها من تغييرات جوهرية في بنية الدولة عموما وبنية القوات الجوية خصوصا .

اكثر من سؤال لدى المواطن هو ما يجب ان يوجد له الجواب , ليس من بينها بالضرورة من يقف وراء هذه الحوادث باعتبار انه لا يهمه بالدرجة الاولى كمواطن ان يسمع اجابة محددة له , بل اجابته المحددة تعني القوات الجوية واجهزة الدولة المعنية .وقد تكون اثارت هذا السؤال اعلاميا هي بغرض إلها المواطن عن اسئلة اخرى يهمه ان يلقى اجاباتها .

كثيرا ما سمعنا تصريحا او تسريبا ان الطائرات التي تتساقط علينا كانت في طلعات تدريبية , فكيف تكون سماء المدن المأهولة بالسكان مجال لطلعات تدريبية فوق رؤوس سكنها ؟ , ولماذا لم يتم امتثال توجيهات فخامة رئيس الجمهورية بحظر الطلعات التدريبية في سماء المدن ؟ .

لدينا ازمة سياسية عالية المستوى , وباطنها اكثر حده من ظاهرها ,ولكن ليس لدينا حرب , فاذا كانت طائراتنا تتساقط وتتحطم وتنفجر وتحرق بهذا العدد في ظروف ليست فيها هدفا مفترضا فكيف سيكون عليه حال سلاح جونا لو دخلت البلد في حرب تكون طائراته فيها هدفا مفترضا لعدو ؟ .

عندما تسقط طائرة لا بد ان يقابل هذا الحدث بقرارات حاسمة , تقيّل وتوقف وتحيل للتحقيق و " تحول " و " تبدل " . وهناك اجراءات تتخذ , وتطمينات جادة تعلن وتلتزم , فلماذا لم يحدث شيء من ذلك حتى الان مع انها ليست طائرة وانما طائرات . واين دور شرطة القوات الجوية واجهزة الاستخبارات والامن القومي من الموضوع والتي من واجبها ان تسهم في منع تكرر الحادث لطائرة ثانية فكيف بتكراره لطائرات وطائرات ؟ .

حوادث سقوط وتحطم وتفجير وحرق طائرات بهذا العدد حدث مهول وتهديد مباشر للأمن القومي للبلد . ومؤشر قطعي على مؤامرة واعمال غير عادية تستهدف البلد وقواته وامنه واستقراره , والتحقيق في امر كهذا هو مهمة وطنية يجب ان تتم وفق اعلى درجات الدقة والشفافية والصدق والوضوح والتسهيل والصرامة والتيقن , فلماذا يتم تمييع او تضليل او تتويه التحقيقات التي تتم في كل مرة ؟ . وهل لدى الدولة واجهزتها المعنية رؤية محددة تجاه هذه الحوادث , وفيما اذا كانت تمثل مؤامرة داخلية او خارجية او مشتركة او ما طبيعتها بالضبط ؟ .

من سقطت فوق روسهم طائرات تسببت لهم في اضرار مادية ومعنوية ونفسية جسيمة , فلماذا لم تقم الدولة بالوفاء بالتزاماتها تجاههم و بحجم " المصيبة " التي اصابتهم ؟ .
هذه مجموعة من الاسئلة وليست كل الاسئلة التي يجب ان نسمع نحن المواطنين اجابات لها . وانا اضعها بين يدي الاجهزة المعنية لتقدم لنا اجابات ننتظرها منها . نحن المواطنون نريد ان نسمع الاجابات عن طل ذلك لأننا نريد ان نعيش امنيين في وطننا ليس فقط من سقوط طائرات على رؤوسنا .