الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٥١ مساءً

الفساد مهمة للامن القومي

عبدالوهاب الشرفي
الاثنين ، ٠٦ مايو ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
ملف الفساد هو احد اهم واخطر الملفات في البلد ,هذا اذا لم يكن اهمها واخطرها . واهمته وخطورته يفرضان عدم تأجيله لحين احراز تقدّم في ملفات اخرى , فلا يجب ان يشغل التركيز على إنجاح مؤتمر الحوار عن مواجهة الفساد . فمواجهة الفساد اصبح قرارا مصيرا ويجب ان يتخذ فورا وبقوة وبجدية كاملة .

ما يجب ان تتوجه اليه فورا الارادة السياسية والجهود الحكومية والرسمية هو مواجهة افة الفساد , هذة الافة التي انتشرت في البلد حتى اعطبت كافة مناحي حياتنا , وهي احد اهم مسببات مختلف المشكلات التي يعاني منها البلد . هذة الافة هي ما يسبب الويلات لنا جميعا ويعاني منها ومن اثارها كل فرد منا .

الفساد دمرنا بكل ما تحمله الكلمة من معنى . فقد هدد البلد ارضا وكان المسبب الرئيسي في سعي البعض للاستقلال بذاتهم جنوبا , ومؤشرات السعي ذاته بدأت تظهر تهاميا . و هدد البلد دولة وكان من اهم مسببات الحروب جنوبا وشمالا ووسطا , واهم مسببات اعمال التمرد والصراعات مع العديد من ابناء الوطن افرادا وجماعات وكيانات .

الفساد هدد البلد اقتصادا واصبحت الموارد المتاحة للبلد لا تفعل الاثر المفترض بها ولا نصفه ولا ربعه ولا حتى عشره اذا ما اخذنا في الاعتبار الاثر الإئتماني لما ينهب من مواردنا الذي يتمثل بمعكوس نسبة الاحتياطي القانوني التي هي في اليمن 20% , اي ان تعطيل ريال واحد يعني اضاعة فرص اقتصادية مباشرة بعشرين ريالا وتعطيل مليون يعني إضاعة فرص اقتصادية مباشرة بعشرين مليون ريال وتعطيل مليار يعني إضاعة فرص اقتصادية مباشرة بعشرين مليارا من الريالات .

الفساد هدد البلد مؤسسيا واصبحت كل مؤسسات البلد معطوبة , ولا تزيد عن كونها بؤر لنهب المال العام وللعبث بالنظام العام . ولا تؤدي من الدور المطلوب منها الا القليل .

الفساد هدد البلد مجتمعيا وحولنا الى مجتمع من الفقراء والمعوزين والمرضى والجهال , ودفع ببعضنا للتخلي عن فلذات اكبادهم ورميهم بمئات الالاف في " الجولات " او الى خارج البلد , ودفع بالبعض ليمثلوا ظاهرة مخجلة هي ظاهرة " الزواج السياحي " . ووصل الامر الى ان يتصرف فينا من استحوذوا على مقدرات واموال البلد بطريق الفساد وذلك للعبث بأمننا وسلمنا الاجتماعي , بل وتحويلنا الى بلد من " المرتزقة " نقاتل كل يوم في مكان فمن افغانستان وحتى سوريا .

الفساد هو ما اوصل البلد الى ما وصلت اليه من مشكلات ومعضلات وعقبات في كل شئونه . وليجد البلد نفسه في مفرق حرج . وهذا المفرق الحرج كان البلد قد وصله بفعل ممارسات الفساد التي تمت على مدى عقود , لازالت تمارس وبنفس الوتيرة حتى الان . وكل المشكلات المتولدة عن ذلك لازالت على حالها لم تعالج ولم تحجّم , وعما قريب سيضاف اليها مشكلات اضافية ليست بالهيّنة , فالمؤشرات تؤكد ان عدد غير قليل من المغتربين في السعودية سيعودون الى بلدهم وذلك سيزيد من المشكلات البلد , من بطالة الى تعليم الى سكن والى غيرها . و ما ستفرضه معالجة ملفات الماضي من تكاليف ليس بالهين وسيزيد من مشكلات البلد كذلك . وبالفعل البلد بكامله , قيادة وشعبا , حكومة ومواطنين , في مفرق حرج لم يترك لنا الفساد فيه الا خيارين , فإما ان يستمر الفساد او ان يستمر البلد .

الوضع الذي اوصلنا اليه الفساد يحتم على الجميع وفي مقدمتهم الارادة السياسية ان تنظر الى ملف الفساد نظرة جديدة , نظرة تقوم على التجريم الجسيم لممارسات الفساد . و يجب على فخامة الرئيس هادي ان " يشدّ " على الجهات الرسمية المعنية بمواجهة الفساد , من هيئة مكافحة الفساد الى جهاز الرقابة والمحاسبة الى نيابات الاموال العامة الى لجنة المناقصات الى هيئة المواصفات والمقاييس ويجب اخراج المحاكم الادارية الى الواقع , وان يلزم هذه الجهات لان تقف امام مسؤولياتها وقفة بحجم خطورة هذا الملف ,

الفساد اصبح مهدّد جدي للبلد برمته , ارضا ودولة ومجتمعا وافرادا وكيانات واقتصادا واجتماعا وامنا وقيما وخدماتيا , ويجب ان يوجه فخامة الرئيس هادي بان توضع الالية التي تكون بموجبها مواجهة الفساد مهمة من مهام الامن القومي للبلد .