الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٤٥ صباحاً

هادي .. في المواجهة الباردة

أنور الداعي
الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠١٣ الساعة ٠٧:٤٠ مساءً
بعد أن دخلت اليمن في مربع العنف واتجه أعداء الوطن إلى جّر اليمن إلى هاوية الصراعات الأبدية ، والحروب القبلية والطائفية في بداية اندلاع ثورة 11 فبراير السلمية التي قامت ضد النظام الحاكم ، كان لا بد من وقفة من عقلاء اليمن لمثل هذه المؤامرات الخبيثة والتي كانت ستدمر اليمن وتعيده إلى ما كان عليه سابقاً ولكن بفضل من الله وحكمة عقلاء اليمن من أحزاب وشباب ثورة ومنظمات مجتمع مدني الذين لم ينجروا إلى تلك الدعوات الحاقدة ، أن قبلوا الحلول الوسطى لإخراج اليمن من هذه المؤامرات اللعينة .

بعدها جاءت المبادرة الخليجية التي كانت مطبوخة كالوجبة السريعة لإنقاذ النظام السابق بهدف إبعاد لهيب نار الثورة اليمنية حتى لا تلسعهم بنارها ، راسمين لأنفسهم أنهم لو تركوا النظام يهلك لهلك بتفاقياتهم المشبوهة معه ، لذا سارعوا برسم خطة تنقذهم من كارثة انهيار النظام الحاكم ، لأنهم يدركون حقيقة الثورات إذا قامت على الأنظمة أنها تلغي كل الاتفاقيات المبرمة في عهده إذا كانت تمس السيادة الوطنية ، وهذا ما سعت إليه السعودية وعمان وغيرها ضاربة في أذهانها الحدود التي رسمت في عهد النظام السابق ، ولكن قَبِل اليمنيين بمبادرتهم حتى لا ينجر اليمن إلى مربع العنف والفوضى التي كان يُراد لها من قبل حلفاء النظام الدوليين إن لم يقبلوا بها .

ولكن بعد نجاح الخطوات الأولى للمبادرة الخليجية والمتمثلة بانتخابات رئاسية وهيكلة الجيش بدأت ملامح العيون الخارجية تتغير حول اليمن لما طرأ من تغيير في السياسات الخارجية والداخلية ، وهذا الذي كانت تغشاه بعد الثورة كل القوى الخارجية من عدم السيطرة على السياسة الداخلية للدولة فبدأت تحيك المؤامرات وليس هذا ببعيد عن أذهان كل اليمنيين حول ما يجري للمغتربين من ترحيل من الأراضي السعودية والتي كانت نتيجة لتغير السياسة اليمنية ورفض الوصاية على اليمن .

حيث كانت تأمل بعض الدول المجاورة أن تسير الأمور كما لو كانت في السابق مع النظام السابق في إدارة الدولة وشؤونها ولكن خاب ظنها في ذلك ، حيث شرعت السعودية بعد إعلان الحكومية اليمنية امتلاكها 500 بئر نفطي كانت مغلقة في عهد النظام السابق وبدأت تدعو الشركات الخارجية في التنقيب والاستثمار في المجال النفطي ، ولكن هذا الأمر لم يسر السعودية حيث بدأت مشاوراتها مع الرئيس هادي في الكف عن عملية التنقيب حتى تهدأ الأوضاع في اليمن وغيرها من المشاورات ولكن اصطدمت آمالهم بقوة إرادة من القيادة السياسية بالرفض حيث شرعت الدولة بدعوة الشركات العالمية للتنقيب فسارعت الكثير من الشركات العالمية على رأسها شركة توتال البريطانية وغيرها من الشركات ولكن هذا الأمر أقلق السعودية كثيراً فسارعت إلى تقديم عرض ثاني للقيادة السياسة والمتمثل في الاستثمار مقابل الثلث حيث قدمت (10 ) مليار دولار مقابل أن تأخذ الثلث من الاستثمار النفطي لليمن ولكن قوبل هذا بالرفض مما استدعى السعودية إلى تغيير وجهة نظرها حول القيادة السياسة وبدأت في زرع المشاكل لليمن ابتداءً من ترحيل 30 ألف يمني بحجة تطبيق نظام العمل والعمال في بلاده وهي تعلم يقيناً أن اليمنيين هم الفئة الأكثر استثماراً في القطاعات الخاصة وفي حال تطبيق نظام المادة 39 من نظام العمل والعمال سيتضرر غالبية اليمنيين مما سيدفعهم إلى ترحيل أكثر اليمنيين إلى بلادهم وهذا ليس حباً في تطبيق النظام بقدر ماهو تخطيط لإخراج أكبر عدد ممكن من الجالية اليمنية الذين بدورهم سيكونون ثورة يمنية من جديد وتحدث أزمة اقتصادية وتعمل على خلط أوراق الرئيس هادي والذي يواجه ضغوطات غير مسبوقة لموقفه في عدم التوقيع على ترسيم بقية الحدود اليمنية الأمر الذي جعل السعودية تلعب أدوار مغايرة في عملية إقلاق الأمن والاستقرار في اليمن .

بعدها جاء دور القيادة السياسية والتي عرفت اللعبة برمتها فختارت روسيا طريقاً لها في عملية التنقيب والاستثمار النفطي الأمر الذي أثار حفيظة السعودية يومها ، حيث أرسلت طائرة ملكية خاصة لاستدعاء علي عبدالله صالح ونقله للمملكة لتدارس الوضع حول زيارة هادي لروسيا وقبوله بالعرض الروسي في الاستثمار ورفضه العرض السعودي مما جعل السعودية تخطط وتحيك المؤامرات مع حليفهم السابق حول إمكانية توقيف هادي عن التنقيب وإعاقة المرحلة الانتقالية بجوهرها من خلال القضاء على الأمن .

السعودية تسعى جاهدة إلى توقيف القيادة السياسية عن التنقيب في أحواض الجوف لما لهذه الأحواض من فائدة لديهم حيث ذكرت مصادر أن معدل منسوب النفط في محافظة الجوف يتجاوز 34% من الاحتياطي النفطي ، كما أنه في حال نقب على النفط في المحافظة فإن هذا الحقل سينتج مليوني برميل يومياً ، الأمر الذي أثار حفيظة السعودية بحكم قرب المدينة من الحدود السعودية ولما لهذه التنقيب من أضرار تعود عليهم حيث سنخفض معدل احتياطي السعودية لأن عملية التنقيب لديهم أفقية .

الآن معالم المؤامرات السعودية العفاشية تظهر على أرض الواقع من خلال تفجيرات أنابيب النفط والكهرباء وإقلاق السكينة العامة للمواطنين وغيرها من العمليات التخريبية حتى يرسلوا رسائل قوية لروسيا بأن اليمن بلد غير آمن لا يصلح فيه الاستثمار ويكون بهذا قد حققت السعودية وحلفائها الهدف الكبير في عدم مجيئ روسيا للاستثمار في اليمن بحجة أن البلد غير آمن ومستقر فتكون اليمن بلد طارده للمستثمرين .

كما هو الحال مع التحالف الخفي مع أعداء الأمس حيث يتحالف علي عبدالله صالح مع الحوثيين والحراكيين لتحقيق أهدافه الخبيثة في تدمير الوطن ، حيث يتحالف مع الحراكيين الانفصاليين بدعوة استعادة حقهم المنهوب وتقرير مصيرهم وبأنهم أصحاب قضية عادلة وغيرها من الادعاءات حتى يعمل هذا كله على إعاقة هادي في الجنوب ويعيق المرحلة الانتقالية كما أن الحال نفسه مع الحوثيين في تحالف خطير للقضاء أهداف المرحلة الانتقالية والوصول بها إلى نهايتها .

والحال بعضه في التدخلات الإيرانية في بسط نفوذها على الحدود المتاخمة للسعودية لأهداف مستقبلية وما الشحنة الأخيرة عندكم ببعيد .

لكن كل هذه التحالف باءت بالفشل حيث جاءت القرارات الأخيرة لهادي صافعة وجوههم وأدبارهم بأن خبتم وخابت نواياكم ، وكل هذه المؤامرات واجهها هادي بكل اقتدار وحنكة.

وباعتقادي أن السعودية وحلفائها وإيران وعملائها الذين يعملون على عرقلة المرحلة ويسعون إلى إفشالها، إنهم إنما يسعون لعزل أنفسهم عن الحياة السياسية والاجتماعية وكشف أهدافهم الخفية والدخول في مواجهة مع الشعب .