الجمعة ، ٠١ نوفمبر ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٣٣ صباحاً

" كفالة الحاكم " تستعبد شعب اليمن

عباس الضالعي
الثلاثاء ، ٠٩ ابريل ٢٠١٣ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
المنطق يقول ان الثورة جاءت بهدف التغيير الشامل ولن يكون هناك تغيير حقيقي دون إصلاح منظومة الحكم لأن الثورة فتحت الباب واسعا لفرض الديمقراطية كنظام سياسي بديل للاستبداد والتصرف بشئون الحكم على أساس فردي وعائلي ، وعملية إصلاح منظومة الحكم هي بداية الطريق لإقامة دولة مدنية يسود فيها العدل والمساواة وسيادة القانون

وجود دولة قوية أساسها القانون تستطيع الوصول الى تحقيق برامجها وتقضي على كل مخلفات الماضي الموروثة ومن هذه المخلفات الأمية والجهل والفقر والمرض ، ولن تقضي على هذه المخلفات دون الاهتمام بالإنسان الذي يعتبر أهم ركائز التنمية والبناء

نحن بحاجة ماسة الى دولة تنتهج أسلوب الحكم الرشيد وإصلاح المؤسسات وتفعيلها لان هذه هي إحدى المقومات الأساسية للدولة القوية ، الواقع الحالي يفرض على اليمن وقيادته السياسية استغلال المتغيرات الجديدة التي جاءت بها الثورة ومغادرة أسلوب الإدارة الارتجالية والانتقائية التي تعتمد على رؤى اغلبها ضيقة وتعتمد على جوانب جزئية من الولاء الشخصي لهذا او ذاك .

الصدمة التي فاجأت اليمنيين المغتربين في الشقيقة الجارة العربية السعودية كافية لتحريك دوائر الفعل والتأثير التي تتحكم بصناعة القرار السياسي اليمني وإعادة الحسابات على أسس جديدة تضمن استيعاب المواطن اليمني في موطنه واستغلاله لبناء اليمن وهذا لن يحدث مع الحالة التي يسير عليها اليمن الذي يسير على طريق التقليد وترحيل الفشل الموروث من العهد السابق الى العهد الحالي

الصدمة الأكبر هو ترحيل الفشل والاستمرار عليه وتعتمده القيادة السياسية الجديدة وتطلق عليه "تغييرا " وهي مغالطة واضحة ومفضوحة وتكون نتائجها مزيدا من التدهور والوصول الى الفشل الشامل على مختلف المجالات ، واليمن وأبناؤه لن يتقبلوا او يقبلوا بصيغة جديدة من إدارة شئون الحكم بالاعتماد على الشعارات والعبارات العاطفية التي لا يلمس المواطن منها شيئا على واقعه المرير

الضرورة تفرض على قيادة اليمن الجديدة الاتجاه نحو استغلال الثروات الكامنة في باطن الأرض وأهمها وفي مقدمتها الثروة البترولية الموجودة جغرافيا بالمناطق الشمالية والشرقية ، استخراج هذه الثروات هو الحل المنتظر للخروج من الأزمة الاقتصادية المتفاقمة والتي تتزايد معها صور البؤس المعيشي ، وأصبحت المصلحة العامة والوطنية والحاجة الملحة وقف تدهور مستويات الفقر التي تتدنى منذ ثلاثة عقود مضت واشتد تدهورها نتيجة الموقف المتهور للقيادة السياسية السابقة خلال أزمة الخليج الثانية وما تلاها هذا الموقف يعد جريمة بحق الشعب اليمني لما ترتبت عليه من نتائج سياسية واقتصادية وتنموية أضرت بالناس والمجتمع وحتى القيم لم تكون بعيدة عن ذلك .

الثروة اليمنية موجودة وكثيرة وقرار استخراجها محاط بسياسات خارجية الهدف منها هو إبقاء الوضع اليمني رهينة للتسول والاعتماد على الآخرين لسد حاجات البلد من الكفاف دون الكفاية ، والاستمرار بارتهان القرار السياسي هو استمرار معاقبة الشعب والتعمد بقصد ونوايا مسبقة لتجويعه وسلب كرامته

بعد ان كان اليمنيين كرماء أصبحوا يستجدون حتى كرامتهم " أكرموا اليمنيين " التي تعني العطف والرحمة والشفقة وهذه رسالة عار بحق اليمنيين الكرماء تاريخيا وكأن من أطلقوا نداء العطف هذا نسوا ان زكاة اليمن واليمنيين كانت هي من تسد حاجتهم يوم كان لليمن دولة وحكام رجال !! وحين غاب الرجال غابت معهم الدولة وحل علينا البحث عن عطف الآخرين !! .

استقلال القرار السياسي اليمني وتحريره من عقدة الكفيل للحاكم التي تعد أكثر مهانة من عقدة الكفيل للمغترب مع ان الكفالتين وجهين لعمله واحدة بالنتائج والالتزامات والإضرار ، فالمغترب في ارض الحرمين مسلوب الإرادة ومقيد الحرية ويعتبر عبدا بصورة جديدة للكفيل ومثلها ينطبق الأمر على الكفيل للحاكم التي هي اشد ضرار على اليمنيين لأنهم بسبب كفالة الحاكم يخضع اليمنيين لهذه الكفالة وهذا يعني عبودية شعب بأكمله والسبب هو الحاكم " حاكمنا " الذي شاء لنفسه ان لا يتحرر من هذه العبودية التي ورثها عن سلفه المكفول .

أخيرا قد يتبادر إلى ذهني أن هناك علاقة بين عملية طرد المغتربين اليمنيين بقانون - سينفذ بعد ثلاثة أشهر - وبين سياسة الشقيقة العربية الجارة التي أبقت الرئيس السابق مدخلا لها للتدخل بشئون اليمن وربما يكون للأخير يدا في هذا الإجراء الذي يعتبر ورقة ضغط على الحاكم الجديد الذي قد يكون عاقا نسبيا للعائلة المالكة وبهذا الإجراء يسعون لتعديله وتسويته ... الجواب سيأتي حقيقة مع الأيام ... ودمتم