الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٥٥ مساءً

عصامية امرأة

مروان المخلافي
الاربعاء ، ٠٦ مارس ٢٠١٣ الساعة ١١:٤٦ صباحاً




في تاريخنا المعاصر هناك الكثير من الأسماء اللامعة التي حفرت لنفسها أروع العناوين وأجمل المضامين على أحجار الصوان الأشد صلابة بين أحجار الأرض ، واستطاعت باقتدار منقطع النظير أن توجد لنفسها أرضية صلبة في الطريق الذي مشت فيه ،وانتصبت علما بارزا يشار له بتلبنان فيما وصلت إليه ، سير تسترعي فينا الشعور بأن لكل مجتهد نصيب بغض النظر عن توجهات وأراء وأفكار ودين صاحب هذه السيرة ، وتستوقفنا في حياتها محطات مهمة مثلت علامات فارقة في تاريخها كان لها الأثر في إحداث كثير من الأمور المرتبطة بأكثر من شأن .
وحديثنا لهذا الاسبوع نخصصه بكل عدل وانصاف لامرأة لم نسمع عن إسلامها لكنها تستحق أن نقف عندها للنجاح الباهر الذي حققته في مجالها لإعلامي وكيف استاعت من خلاله إن تصل إلى ملايين المشاهدين حتى غدت من أكبر لالعيبن الرئيسن في اانتخابات الأمريكية لشعبيتها لاتي أصبحت تتعمتع بها ،إلى درجة أن كيرا من الصحف الأمريكية تعزو إليها كثيرا من الفضل في فوز باراك اوباما لدعمه من قبلها وعبر مرافقته لحملته الإعلامية ، إنها ولا شك الإعلامية أوبرا وينفري
وأوبرا التي نتحدث عنها هي مذيع «التوك شو» أو أشهر برنامج جماهيري في أمريكا، والتي يلقبونها بملكة التوك شو أوبرا المذيعة الزنجية السوداء، صاحبة أشهر المقابلات مع رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، وصاحبة أعلى دخل بين المذيعين والتي استطاعت أن تحفر طريقها بين عشرات المحطات الأمريكية وتحتل القمة بجدارة، وكانت قد بدأت حياتها مراسلة لإحدى المحطات الإذاعية. وجميل بنا أن نعود إلى الوراء لمعرفة جوانب العصامية عند هذه المرأة الزئبقية التي لم تستطع الحياة بقهرها أن تحشرها في زاوية اليأس، والسكون لتنفذ من بين ثناياها، ولم تستطع أىضاً أن تحتويها بضغطها لتتسرب من خلالها منطلقة فيها الحياة تتلمس ما يمكن أن يعوضها في الحياة ما حرمت منه. كان والدها حلاقاًن وأمها خادمة في البيوت، وفي العاشرة من عمرها بدأت تجرب كيف تصبح شيئاً مهماً، كيف تسرق الحياة من الحياة، كيف تقف على قديمها، وتسبق الواقع وعجلة الزمن.... بخطوة؟!! وبعد عشرين عاماً أصبحت المذيعة السمراء بعد عمل دؤوب ومتواصل في التلفزيون في مصاف المذيعين الذين استطاعوا أن يبهروا المشاهد بحنكتهم الإعلامية الممزوجة بالخواطر الوجدانية الإنسانية وقلما يجتمع ذلك عند مذيع. وحققت ما تمنته بالضبط، سبقت الجميع بخطوتها تلك، وفاق نجاحها كل التوقعات وفوق كل ذلك تبقى كما وصفها أحدهم امرأة قوية تحرك العالم والأصوات من مقعدها الأبيض، تصنع الأخبار وتصعد بالنجوم في عز النهار، ومازالت تحلم بأن تبقى الأولى مهما كان العمر والوقت والجهد والألم. بلغ من قوة جماهيريتها أنها وفي إحدى حلقاتها أبدت امتعاضها من وجبة «الهامبورجر» معقبة على ذلك أنها لن تمس أو تذوق شيئاً منها أثناء نقاش حاد حول جنون البقر في أمريكا آنذاك، وإذا بالمفاجآة الرهيبة تبرق مع بروق الصباح، لتعلن أسواق اللحم البقري انتكاسة ظلت لشهور، فقد هبطت أسعار اللحم بصورة مذهلة بعد رأي الست «أوبرا». فأصبحت القضية الحقيقية حينها التي لا يختلف عليها أثنان ولاينتطح عليها عنزان هي أن إعلامية مثل «أوبرا» استطاعت أن تؤثر في الجماهير إلى درجة أنه وبكلمة منها ترفع أو تخسف بأسعار البورصة الأرض، حتى غدت ظاهرة اسموها بحالة مؤشر «أوبرا». استمرت بعد ذلك صاحبة أهم برنامج تلفزيوني في العالم، تذهب وراء القصص الإنسانية أينما كانت، ويذهب إليها المشاهير، والكبار حينما تطلب، ومازالت تقول قصة نجاحي هي الحب، لقد أحببت النجاح وسعيت إليه بقوة، سعيت إلى تغيير الواقع وتجميل القبح وتهذيب الفشل، ولم أنظر مرة إلى تحت قدمي، لم أنظر إلى «ما أملك» إنما إلى ما أريد أن أملكه، سبقت الجميع بخطوة، وهذا هو أهم سر لا أريد أن احتفظ به، لأنني أتمنى أن يعرفه الجميع علهم يسرقون النجاح المنشود، باختصار تقول عن نفسها، أنا امرأة عابرة في الحياة قررت أن أصبح قصة نجاح، وللقصة بذلك كل ما يجب أن تبذله امرأة من قاع المجتمع، لم تملك يوماً ثمن طعام العشاء أو فستان الصباح، كان الحزن مصيري، فأخذته من يديه والقيته في سلة المهملات، وانطلقت أغير مصيري بنفسي، لم انتظر مساعدة من أحد، لم انتظر شفقة من أحد، لم انتظر نصيحة أحد. إن المؤشر الحقيقي لنجاح «أوبرا» هو قدرتها على النجاح والتغيير الحقيقي أو التعالم الحقيقي مع قضايا الناس ويسأل الناس ماهو سر نجاح هذه المرأة!! فإذا استعرضنا تاريخها التلفزيوني نجد أنها نموذجاً رائعاً، فلقد كانت تعاني من السمنة المفرطة، ويعرف ذلك من كان يشاهدها بحجمها السابق. وفي يوم من الأيام قدمت أحد البرامج عن أضرار السمنة وطرق التخسيس الحقيقية.. وأثناء البرنامج قررت أن تجعل من نفسها عينة اختبار، وتحدث طبيب التخسيس والجماهير وقالت لهم شاهدوني بعد ستة أشهر وبالفعل وبعد مرور هذه الفترة تحولت «أوبرا» إلى غصن من أغصان الذرة لرشاقته ونحافته.. وفي حلقة أخرى عن التحرش الجنسي وأثناء الاعتراف من قبل الحاضرات بمأساة كل منهن، انخرطت أوبرا في نوبة من البكاء الطويل الذي أثر في الجمهور حرارته وصدقه ومن دون أن يعرفوا دواعيه، لتعترف بعدها لأول مرة وعلى الهواء بما حدث لها وهي طفلة، وحذرت الناس مما يمكن أن يحدث لأطفالهم، والعجيب أنه لا أحد في اليوم التالي قد قال إنها فضحت نفسها لإن السر في عبقرية هذه الإعلامية العالمية هو كم العطاء والصراحة والوضوح والثقة التي تواجه بها هموم ومشاكل المجتمع، صفات كلها من صميم ديننا ومما يدعو إليه إسلامنا. أقول ذلك غير متحرج وإن كانت هذه الإعلامية غير مسلمة، وتبقى موهبتها الفذة من عند الله سبحانه وتعالى. إن قصة «أوبرا» تصلح أن يبدأ بها مذيعونا ومذيعاتنا أو أهل الفن في عالمنا العربي، صناعة وصياغة قصص بألوان أخرى والمبدع لا يعدم حيلة، ليس من الضروري أن يسيروا بنفس أسلوبها، فخدمة المجتمع مفهومها واسع وكل ميسر لما خلق له، وكل مبدع له إصبعه التي يبدع بها وينجز، تقوده إلى النجاح حب الجماهير له تناغماً مع حبه وتفانيه لهذه القاعدة الشعبية التي تفانى في حبها والحرص عليها، ففي النجاح الكثير من الحب والجهد المتواصل الذي يجعل الحياة جميلة بالإنجاز.
أوبرا المذيعة الأمريكية والمرأة السوداء ذات الجبين الأسمر، قد يكون المجتمع في فترة من الفترات قد رفضها، لكنها لم ترفض نفسها، ونقتبس منها ما نكمل به مقالنا هذا، حيث تقول في معرض كلامها عن حالتها هذه فتقول لقد أخفيت دموعي عن أقرب الناس حتى لا يجرحني أحد بمواساتي، بعض الناس حين تشكو إليهم صعوبة الحياة، يقدمون لك نصائح قاتلة تعيدك إلى الوراء، يلهمونك الضعف والتراجع عما أنت فيه، يخذلونك، ويقدمون لك وجبة من الضعف تجعلك أكثر يأساً، لقد قررت وهذا يكفي أن أحارب من أجل ما أريده، وأن أكون ما لايريدوه الآخرون لي. كلام يحمل كثير من المعاني العزة وبناء الذات، والثقة بالنفس التي افتقدها كثير منا. هذه حكاية «أوبرا» التلفزيونية التي تقيم الدنيا وتقعدها بكلمة منها، لأن هذا هو دور الإعلام الحقيقي، التعبير عن قضايا الناس، إنها بحق تجربة تستحق الوقوف عندها ملياً.