الاربعاء ، ١٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٣٣ صباحاً

بعث الله من في القبور

عبدالوهاب الشرفي
الخميس ، ٢٨ فبراير ٢٠١٣ الساعة ١١:٢٥ صباحاً

مقال: بعث " سارقوا الثورة " من في القبوّر
اذا كان من احد يجب على " الزعيم " وحزب المؤتمر الشعبي العام ان يشكره فهم " سارقي الثورة " , فما كان ذلك الجمع في ميدان السبعين الا شهادة خيبة هولاء الذين سرقوا ثورة الشعب , وليست شهادة بشعبية " الزعيم " وحزبه .
كان الزعيم وحزبه يتمكن من جمع مثل ذلك العدد او اكثر منه قليلا عندما كانت الدولة في يده , المال والسلطة , المعسكرات والوظيفة , المصلحة والتمتّرس . اما فبعد اشهر من احداث العام 2011م - التي كان يراد لها ان تكون ثورة - فالكل يعرف انهما لم يعودا قادرين على جمع ربع ما تمكّنا من جمعه في ميدان السبعين بمناسبة ذكرى " تسليم السلطة سلميا " " لأيادي امنة " , فما هو الذي جرى بالضبط ؟! وكيف " بعث الله من في القبور " ؟! .
من جهة " الزعيم " وحزبه لم يتغير شيء , " فالزعيم "لا زال كعهدنا به في نهاية احداث العام 2011 م , لم يقدم شيء يكفر عن ذنبه , ولم يفعل شيئا يبيّض صفحته , ولم يعتذر عن ما فعله بحق بلده وشعبه , وكما كان لا زال يوصف من رفضوا حكمه في المحافظات الجنوبية " بالشرذمة " ولا زال " لن يرهن الوطن لا لإيران ولا غير ايران ". وحزبه المؤتمر الشعب ايضا لم يقدم كذلك شيء , ولم يفعل جديدا شيء , ولم يقصي الفاسدين فيه , ولم يعيد تنظيم صفوفه . والصورة لازالت كماهي لم تتغير منذ تلك الاحداث ," الزعيم " وعن يمينه الذي " قلع له العداد " " متفقعسا " كعادته , وعن شماله الذي اغراه ليستمر في حديثه عن " الاختلاط في شارع الجامعة " " متنفسا " كسابق عهده . وما تغير في تلك الصورة هو شيء واحد ان الجمع هذه المرة اكثر بشكل ملحوظ من جموعهما بعد اشهر من احداث 2011م .
ولكي لا نعطي جمع" الزعيم " هذا اكثر من حقه , يجب ان نعي ان الذين يعانون من الجوع و من المرض ومن الجهل ومن التغرب والشقاء في كل محافظة من محافظات اليمن لو اجتمعوا في كل محافظة على حده لكانوا اكثر من ذلك الجمع . ولا يجب اختزال الوطن في جمع السبعين ولا في جمع الستين من بعد الوفاق , فهذا الاخير حاله مثل حال الاول , لم يعد قادرا على ان يجمع ما كان يجتمع له في بداية احداث العام 2011 م عندما اعتقد الناس انهم سيزيحون السبعين والستين . ولو اخذت المجاميع مقياسا -على خطئ ذلك في حق الجميع - فمن خيبة السبعين والستين ان ما يجتمع لغيرهم في المئة وفي ساحة العروض هو اضعاف مضاعفه لما يجتمع لهما .
كان جمع الستين في البداية يمتد من المدينة الليبية وكلية الطب بشارع ابو عمار وصولا الى منزل فخامة الرئيس هادي في الستين الشمالي , ولم يكن من الممكن التقاط صورة له باستخدام كاميرا واحده لأنها لا تبلغ ذلك المدى , ومثل ذلك ايضا – او قريب منه - في غير ساحة وغير شارع في كل محافظات الجمهورية . وكانت تلك الحشود تنادي " بإسقاط النظام " , وبدأت تلك الحشود بالتقلص عندما انظم " لثورتها " عدد من متسلّطي عهد الرئيس صالح , فقد اصبح لذلك الشعار - اسقاط النظام - معنى اخر واقعا هو" اسقاط السلطة " , وتقلصت تلك الجموع اكثر واكثر عندما انظم " لثورتها " عدد من اركان سلطة الرئيس صالح فقد انقلب ذلك الشعار واقعا الى معنى مناقض تماما هو " مخاّرجة " النظام , وبالفعل عادت " الثورة " تستجدي توقيع الرئيس صالح على " المبادرة الخليجية واليتها " وبحصانتها .
حتى هذه المرحلة كان جمع الستين يتقلص ولكن ليس لصالح السبعين . لكن ما حصل بعد توقيع المبادرة الخليجية " وتشكيل حكومة الوفاق , التي ترأسها وشارك فيها من منحتهم القوة حشود الستين , هو ما جعل من بين " فاقد " الستين ما ذهب لصالح السبعين .
وجدت الجماهير ان ثورتها قد سرقت , فما يمارسه من صعدوا للسلطة باسم الستين هم ذاتهم من شخصيات ونافذي واركان عهد الرئيس صالح , ولكنهم اشد وانكى في ممارساتهم , وعلى الاقل من باب " وظلم ذوي القربى اشد مضاضة .. على النفس من وقع الحسام المهند " , وجد " الثوار " ان كل ما خرجوا له وكل ما تحدثوا عنه , قد اصبح خلف الجدار , وبصفة رسمية تتبنّاها " حكومة الثورة " ؟؟!! . فلا حديث عن دولة مدنية , ولا حديث عن مكافحة فساد , ولا حديث عن استعادة ما نهب , ولا حديث عن حريات ,ولا حديث عن سيادة نظام وقانون ,ولا حديث عن تنمية , ولا حديث عن شيء من كل ما خرجوا له . كل الحديث اصبح عن الحوار بين " العتاولة " والسلام عليكم , وما حضور من احتشدوا فيه الا بنسبة 10% و 10% كثير .
خرجت الحشود الى الميادين والشوارع رفضا للرئيس صالح لفساد نظامه وعبثه وتسلطه وسوء ادارته , لكنه لم يكن نظاما " ايدلوجيا " الا " ايدلوجيا السلطة " , فمن كان لديه استعداد لان يفسد كان النظام يقبله ويتعامل ويتعايش معه بل ويشجعه , وأيا كانت " أيدولوجيته " وأيا كانت افكاره واتجاهاته . ووجد من خرجوا في تلك الحشود انفسهم امام نظام لا يقل عنه فسادا وعبثا وتسلطا وسوء ادارة , وكل ما اضيف ان هذا النظام اصبح نظاما " مؤدلجا " وللأفكار والاتجاهات فيه حضور . وجد من خرج في تلك الحشود رفضا لنظام يتيح الفساد للجميع الى نظام يحتكر حتى الفساد .
تولد عند كثير ممن خرجوا في الحشود الرافضة لنظام الرئيس صالح رد فعل نتيجة الممارسات التي تتم ممن الت اليهم السلطة وهذه المرة باسم الثورة والثوار . كان رد الفعل هذا عكسي - وهو لاشك خاطئ - دفع ببعض منهم الى السبعين نكاية بمن سرقوا ثورتهم . وليصطادهم " الزعيم " وحزبه ويعودا بهم الى الواجهة من جديد . كان " الزعيم " وحزبه قد ماتا " اكلينيكيا" , وجاءت تصرفات سارقي الثورة لتمثل لهما الاكسجين الذي مكن لهما شيء من حياة ... لم يكن ذلك الجمع في السبعين هو جمع شعبية " الزعيم " وانما كان جمع النفور من سارقي الثورة .
عبدالوهاب الشرفي