السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٣٤ صباحاً

بين جارين.. الثورتان اليمنية والسورية

عبدالرحمن بن زيد
الثلاثاء ، ٠٦ سبتمبر ٢٠١١ الساعة ٠١:٠١ مساءً
من المفيد الإشارة في البدء إلى أن الحديث هنا سيقتصر على موقف الجارين-السعودية وتركيا- من الثورتين اليمنية والسورية ,وهل قام كلٌ منهما بالدور المنوط بأي جار أن يقوم به مع جاره؟!

فتركيا تربطها علاقات إستراتيجية مع سوريا لدرجة أن وصل عمق هذه العلاقات إلى أن يتنقل مواطنو الدولتين في البلدين بدون موانع أو تأشيرات ناهياك عن الأمور الأخرى,لكن عندما بدأت الثورة السورية ,وقال الشعب السوري كلمته,وتعامل النظام السوري مع الخارجين عليه بتلك الوحشية القاسية التي لا يتخيلها بشر,في هذه الحالة هل ترنحت تركيا إزاء هذا الحال ,وهل صمتت ؟هل قالت إن بيننا والنظام السوري علاقات إستراتيجية مع هذا النظام واتفاقات وتفاهمات وسيتضرر كل ذلك؟هل قالت تركيا لندع العالم يقول كلمته وبعدها نحدد موقفنا؟

لالالا لم يحدث ذلك؟ فما الذي حدث إذاً؟ الذي حدث أن تركيا قالت كلمتها الأولى وهكذا العظماء كلمتهم السباقة فكانت أولى ردود الفعل إزاء وحشية النظام السوري قادمة من تركيا الجار الصديق لهذا النظام,ولم تأت من أمريكا أومن أوروبا !! وهذا هو الطبيعي لمن يقول بحق الجوار,لقد غلّبت تركيا مصلحة الشعب على مصلحة النظام المستبد الظالم!!,ولم تفكر في انهيار مصالحها مع هذا النظام,وآوت النازحين المتضررين الهاربين من النظام ولم تآوي النظام!!! وحذرت ونددت النظام المستبد من الاستمرار في جرائمه,ثم توالت ردود الفعل الدولية المنددة بالنظام السوري بعد تركيا,وهكذا إلى أن اتخذت عدة إجراءات عقابية ضد النظام السوري ورموزه.
ولنذهب إلى ناحية أخرى وجار آخر وهو الجار السعودي المجاور لليمن, ولا نريد أن نتطرق إلى مكانة السعودية وحجمها ومدى تأثيرها في المنطقة,وإنما نركز على حال السعودية من الثورة اليمنية ,وهل يضاهي حال الجار السابق ذكره؟

فمن المعروف أن اليمنيين خرجوا بقضهم وقضيضهم ليقولوا للنظام الفاسد يكفي استبداداً,خرجوا بتلك الأعداد الغفيرة في جميع ربوع اليمن ,وبذلك الرقي الذي أذهل العالم,تاركين سلاحهم في البيوت,مصممين على إسقاط النظام بكل سلمية,وقابلها النظام بوحشية لا تقل عن وحشية النظام السابق ذكره,وما يوم جمعة الكرامة ببعيد,!! الحدث الذي أفجع الجميع وأبكى الصغير والكبير,وتوالت التحذيرات والاحتجاجات من القريب والبعيد إلا من أقرب جار إلى اليمن,وهو السعودية فلماذا يا جار اليمن العزيز؟! وماذا فعلت يا أيتها الشقيقة السعودية مع الثورة اليمنية والحالة اليمنية ؟

نقول منصفين أن السعودية فعلت الكثير والكثير من أجل إخراج اليمن من هذا الحال؟ولا ننكر الجهد الكبير الذي بذلته السعودية...!!
ففي وقت وصل فيه النظام اليمني إلى قمة سقوطه وانهياره نتيجة الضغط الشعبي الكبير,وكاد أن يسلم السلطة للشعب؛انبرت السعودية- الجار الأقرب إلى الشعب اليمني- إلى الأخذ بيد هذا النظام المتهالك,وبدلاً من تغليب مصلحة الشعب على مصلحة الفرد اتخذت موقفاً معاكساً!! أطلقت السعودية ما يسمى بالمبادرة الخليجية والتي تقضي في أول بنودها على رحيل الرئيس اليمني عن السلطة, ولكن هذه المبادرة ظاهرها فيه الرحمة وفي باطنها العذاب والويل والتآمر,وكانت بمثابة الطعم السيئ الذي علق به اليمنيون,بل وكما يقول الكثيرون كانت بمثابة الفخ الكبير الذي وقع فيه الثوار في اليمن نتيجة لثقتهم في السعودية وتقديرهم لها,والتي وافق عليها النظام اليمني بل هو الذي طلبها من السعودية ظناً من النظام أن المعارضة سترفض هذه المبادرة,وحين أعلنت المعارضة قبولها بالمبادرة تراجع الرئيس عن قبوله لها متذرعاً بحجج واهية,وطلب الرئيس التعديل عليها عدة مرات,ويعلن موافقته عليها ثم يرفض التوقيع عليها وهكذا عدة مرات,ويضحك الرئيس اليمني-كما هي عادته- على العالم والسعودية في المقدمة لأنها المتصدرة,بل وحاصر الوفود الخليجية والدولية في السفارة الإماراتية في عملٍ مخزٍ ومعيب استنكره اليمنيون,وأعلن الرئيس رفضه للمبادرة في نسختها المعدلة للمرة الرابعة بناءً على طلبه.

حينها توقع اليمنيون أن السعودية سيكون لها موقف مشرف وعادل, أقله وأدناه سحب المبادرة الخليجية ,وسحب السفراء الخليجيين من اليمن احتجاجاً على التصرف اللاأخلاقي مع السفراء,ورفع الغطاء عن النظام المجرب خداعه وفساده.
لكن ذلك لم يحدث ,والذي حدث أن صمتت السعودية وكأن شيئاً لم يكن,فلا هي سحبت المبادرة,ولا هي ضغطت على الرئيس أن يوقع عليها,ولا هي تركت فرصة للعالم لحل المشكلة اليمنية فتركت اليمنيين معلقين بحبال مبادرتها بعد إعلان قطر انسحابها من المبادرة,ومارس النظام اليمني بعد الغطاء السعودي جرائم كثيرة في صنعاء-جريمة الحصبة وجرائم استهداف المسيرات وقتل المتظاهرين فيها – وفي تعز- محرقة ساحة الحرية- وفي أكثر من مكان أسوأ مما كان يمارسه في السابق!!!

وحدث حادث جامع دار الرئاسة واستقبلت السعودية الرئيس اليمني ورموز نظامه للعلاج في مستشفياتها,واستبشر اليمنيون خيراً أن الرئيس الآن في حضرة السعودية راعية المبادرة وقالوا آن للسعودية أن تضغط الآن على الرئيس اليمني ليوقع على هذه المبادرة المشؤومة!!فهل كان ما ظنه اليمنيون- المعارضون منهم للرئيس والموالون -؟!
الذي حدث أن الرئيس عندما بدأ يتماثل للشفاء فوجئ جميع اليمنيين - المعارضون منهم للرئيس والموالون – بالرئيس يظهر من السعودية يهدد بالحرب الأهلية ويرعد ويتحدى من أرض السعودية,ولم تقل السعودية أي شيئ ولم تحتج لممارسته التهديد لشعبه من أرضها!!
وتوالت الخطابات المهددة للشعب اليمني من رئيسه بالحرب والويل والدمار إن لم يقدموا له قرابين الطاعة والولاء ,ومن أين؟من أرض السعودية الجار الأقرب لليمن!!
واستغرب اليمنيون والمهتمون من العالم بالشأن اليمني من سكوت السعودية وصمتها وموقفها السلبي من تجاوزات الرئيس اليمني التي يصدرها من قلب أراضيها والانتهاك السافر لحرمتها,وعدم احترام سيادتها,مما دفع بالكثير إلى القول إنه لا غرابة من موقف السعودية السلبي فهي الراعي الرسمي لخطاب الرئيس وتحركاته في السعودية,وهو يعبر عما تريده الشقيقة!,وأنها تريد إجهاض الثورة اليمنية بكل ما أوتيت من قوة ونفوذ وسلطة,ويستدل من يتبنى هذا الحكم على الموقف السعودي من ثورة اليمن بما سبق سرده,وبأنها أنقذت النظام من السقوط أكثر من مرة وليس أدل على هذا من إمداد النظام بملايين البراميل من البترول السعودي الذي لا يصب في مصلحة الشعب وإنما من أجل أن يتماسك هذا النظام ولإطالة عمره في البقاء على قدمه ليواجه الثوار!!!

فهل هذا هو الواقع ؟ نتمنى إلا يكون هذا هو الواقع ,ونريد من الشرفاء في الشقيقة السعودية من الأسرة الحاكمة ومن الشعب السعودي توضيح موقفهم الحقيقي من الثورة اليمنية,لإزالة اللبس الواقع,فما زال اليمنيون يكنون للسعودية -أسرة وشعباً-كل الاحترام والحب والثقة والتقدير.
وإذا كان ما يقال صحيح فنقول لماذا يا شقيقتنا السعودية؟ما ذا فعل بك الشعب اليمني لتعلني العداء له؟فليس هذا ما ينتظره اليمنيون منك,وإن الوقوف مع الشعب أولى لك من الوقوف مع رجل قد خبرته وخبره اليمنيون أكثر من مرة,وفي أكثر من موقف ,وخاصة مع أقرب أشقائنا –السعودية والخليج بأكمله- وتنكره لجميلهم أكثر من مرة!!!!
ألا تنظرين إلى موقف تركيا مع جارها الشعب السوري؟! ولماذا وقفت يا سعودية من النظام السوري الظالم ذلك الموقف المشرف؟ولم تقفي مع جارك اليمن ذلك الموقف؟وما هذا التناقض؟ ولماذا يا سعودية؟!

ومع كل ذلك لا زلنا نؤمل من الشقيقة السعودية كل الخير,وأن يكون لها الدور المرتقب منها,والذي يتناسب مع مكانتها وحجمها الكبير في المنطقة,فهل سيكون ذلك؟ هذا ما ننتظره قريباً قريباً.