و من الموت تُخلق الحياة
محمد هشام مُحرم
الاثنين , 04 فبراير 2013
الساعة 05:40
صباحا
إذا كُتب لك الخروج من ستاد الموت سالمآ لتجد نفسك وحيدآ في بلدة غريبة لا تثق في أحد لا تثق إلا في نفسك أو في صديقك , لا تثق في هذا البائس الذي يتصنع مساعدتك ليأخذ ما تبقي في حافظتك , هذا و إن كان مُتبقي معك شيئآ
, حاول ألا يظهر علي وجهك علامات الحزن أو التعب لا تجعل أحد يتشكك إنك \" قاهراوي \" أو \" أهلاوي \" حتي لا تُزف بالطوب إلي نهاية المدينة ، عند محطة الأنوبيس تجد من هُم مثلك ، في طريق العودة ابكي كما شئت اذرف دموعآ علي من رأيتهم يتساقطون هُناك في المُدرج و علي من عرفت من الأخبار إنهم سقطوا ، في طريق العودة تسمع \" فُلان في ذمة الله \" و يأتي فُلان عقب فُلان يتعقبه فُلان أخر . تصل القاهرة وانت فاقد صوابك تمامآ ، وقتها تعلم أن مُدبر خطة قتلك يرسل طائرة لإنقاذك أو بمعني أصح إنقاذ ما تبقي منك ،تمُر عليك أصعب ليلة علي الإطلاق ، لم يُصبح للدموع معني فقد زادت و كثرت حتي ظننت إنها طبيعية و نسيت شكل وجهك دونها ، تذهب صباحآ لتدفن صديق و ظُهرآ إلي المشرحة تنتظر جثة أخر ، من القاهرة للإسكندرية للسويس نفس الحزن نفس الألم ، تُصلي الجنازة علي صديق و تُشيع جنازة أخر .
تجد الناس من حولك منهم المُتعاطف حقآ و المُتصنع لذلك و بائع الدم الذي يتاجر بقضيتك و بدماء أصدقائك الشُهداء و بائع الهوي الذي يُطلق علي نفسه إعلامي الذي يريد أن يحول القضية لقضية شغب و عُنف ملاعب ليس لشئ سوي لخوفه أن ينطق بكلمة حق و لتزداد إعلاناته التي تدر إليه الملايين . و لكن الحقيقة إنك لا تأبه بكُل هؤلاء ، لا يوجد في عقلك سوي صورة واحدة \" صورة الشهيد \" أمام عيناك شيئآ واحد هو القصــاص .
تقضي عام أسود كل شئ حولك يُذكرك بهم , عندما تُحاول الكتابة أول ما تكتبه يدك هو \" المجد للشهداء \" حاول أن تُغني لتجد نفسك تُغني أغانيهم أو أغاني عنهم ، حاول أن ترسم ، أن تتحدث ، أن تلعب أن تفعل أي شئ فستجدهم أمامك .
فموت الشهيد كان بمثابة حياة جديدة لك ، حياة هو أعطاها لك حياة نظيفة لا يشوبها دنس , فموت الشهيد جعلك تتعقل و تُفكر و تشعر موت الشهيد جعلك \" إنسان \" . فحافظ علي تلك الحياة وتذكر دائمآ انه سببآ فيها .
اليوم تمر سنة علي فراقهم و أنت أعدت فقط نصف حقهم . إفرح لأنك أعدت البسمة لوجوه أهلهم ، لكنك بداخلك تعلم انك قطعت فقط نصف الطريق ، و تعلم أيضآ انك تستطيع ان تُكمل الطريق لأخره . و أن القصاص أتِ لا محالة من مُثلث الغدر.
اليوم ، غدآ ، بعد 50 عام ستظل مُتذكرآ صورة الشهيد , سيظل الشهيد صديقك ، سيظل وسام علي صدرك تفخر به . ستتفاخر امام أبنائك يومآ ما أن الشهيد صديقك قُتل لأنه رفض الظلم، لأنه حُر و ستُعلم ابنك أن يُصبح مثله.
اخترنا لكم
آخر تحديث
الأحد,29 ديسمبر 2024
الساعة 11:52
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2025.00 | 2063.00 | |
ريال سعودي | 538.00 | 539.50 |