الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٤٦ صباحاً

وهاهو يسقط صنم اخر

وجية الصرمي
الاثنين ، ٢٢ أغسطس ٢٠١١ الساعة ٠٨:٥٠ مساءً
من يتابع وسائل الإعلام سيجدها في الأغلب تتحدث عن النصر الذي حققه الثوار الليبيين ؛ فبعد أن كانوا يعيشون في زمن تكالبت عليهم فيه الأحداث ، وتتابعت عليهم المخاطر، وأصبحوا كل يوم يترقبون حدثاً جديداً ، أو نازلة خطيرة ـ بالذات ـ بعد أن لم يبقى معهم إلا طرابلس وبدأت تلوح لهم المبادرات بالتفاوض مع ألقذافي ولكنهم برفضهم اثبتوا صدق عزيمتهم على التغيير, فقد علمونا أن نهايات الظلمة الطغاة تتكرر على الناس كل حين لأخذ العظة والعبرة؛ فإن في كوامن النفس البشرية من شهوة الظلم والطغيان والبغي ما فيها وقد مثلها ألقذافي ومن على شاكلته احسن تمثيل ..

أنه مهما بلغت قوة الطاغية وقبضته الحديدية على شعبه، فإن سقوطه إذا أراد الله تعالى سيكون بحيث لا يتوقع، وتلك سنة الله تعالى في الظالمين أن يذلهم على أيدي أقرب الناس إليهم، ويسقطهم بأهون الأسباب عليهم، [إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ] {يوسف:100} [فَأَتَاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا] {الحشر:2}.

أن الحبل الغربي الممدود للطغاة والمستبدين يقطع عنهم عند حاجة الطغاة إليه؛ لأن الغربيين يستعملون هؤلاء الطغاة مناديل لمسح أوساخهم، فإذا سقط الطاغية تخلوا عنه وهو في أمس الحاجة إليهم، وقد كان شاه إيران عبد أمريكا وبريطانيا، وراعي لبراليتهم ومسوقها في منطقة الشرق الإسلامي ، وعينهم على حكوماتها، وأمينهم على مصالحهم فيها، ولما انتهت صلاحيته، أخرجوا الخميني بعد تفاهمهم معه من فرنسا ليقود الثورة ضد عميلهم الشاه، الذي ظل يستجدي دولة تؤويه ليموت فيها، فرفضته الدول الكبرى لتستقبله مصر فيموت فيها.

أن التاريخ وإن كان لا يكتبه إلا الأقوياء المنتصرون فإن للضعفاء المقهورين نصيبا منه يفلت من قبضة المستبدين، وأظن أن محمد بوعزيزي الذي أشعل الثورة التونسية بانتحاره حرقا سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه، وسيرابط الكتاب والمؤرخون الغربيون والإعلاميون على أبواب أسرته، وسيتصلون بكل معارفه، وستؤلف عنه الكتب والدراسات والروايات؛ لكونه رمزا للنضال الوطني حين قدم حياته احتجاجا على مظلمة أصابته.

ومع ما في هذه التضحية الكبيرة من مثل عليا تجنح النفس البشرية إليها، وتعجب بأصحابها بغض النظر عن دينهم وجنسهم ولغتهم؛ لأنه وقوف في وجه الظلم والظالمين، كما أعجبوا من قبل بالثائر اليساري تشي جيفارا، وبنضال الأفريقي الأمريكي مارتن لوثر كنج ضد العنصرية، وبنضال مانديلا في جنوب إفريقية ، وبمناكفة شافيز لأمريكا وعدم خضوعه لها، وأمثالهم كثير في التاريخ القديم والحديث.